في نقاش حول سوريا.. مجلس الأمن يضغط على روسيا والأخيرة ترد: “نفاق إجرامي”

واشنطن أكدت أنها "ستواصل الضغط" لتقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري "بغض النظر عما يحدث"

شهد مجلس الأمن الدولي، أمس الأربعاء، نقاشات جديدة حول آلية إيصال المساعدات إلى سوريا، وسط مطالبات من مندوبي عدة دول بتمديد الآلية، بينما وصفت موسكو تلك المطالبات بأنها “نفاق إجرامي”.

وكانت جلسة الأربعاء حول الوضع الإنساني في سوريا هي الأخيرة، قبل موعد التصويت على منح التفويض للآلية، في 11 تموز القادم.

عواقب وخيمة

وفي الجلسة حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في إفادة عبر دائرة تلفزيونية، مجلس الأمن الدولي من “عواقب وخيمة” في حال فشله في التمديد للآلية.

وشدّد “غوتيريش” على أن “الشعب السوري في أمس الحاجة لهذه الآلية، فالوضع اليوم أسوأ من أي وقت مضى منذ بدء الصراع (عام 2011)”، لافتاً إلى أن أكثر من 70 بالمئة من سكان شمال غربي سوريا “بحاجة لمساعدات إنسانية أساسية للبقاء على قيد الحياة”.

وأوضح الأمين العام للأمم المتحدة أنّ “13.4 مليون شخص يحتاجون للمساعدة الإنسانية (في عموم سوريا)، ويعاني 12.4 مليوناً من انعدام الأمن الغذائي، وانخفض الناتج المحلي الإجمالي 60 بالمئة منذ عام 2011 وتفاقمت الأزمة الاقتصادية”.

وناشد “غوتيريش” أعضاء مجلس الأمن “بشدة” للتوصل إلى “توافق في الآراء بشأن السماح بالعمليات العابرة للحدود” التي وصفها بأنها “الأكبر عالمياً”.

عقاب جماعي لملايين العزّل

وجدّد ممثل تركيا الدائم لدى الأمم المتحدة “فريدون سينيرلي أوغلو” خلال الجلسة، تحذيرات بلاده من أن إغلاق معبر “باب الهوى” بين سوريا وتركيا، سيهدد حياة 4 ملايين شخص شمال غربي سوريا، يعيشون على المساعدات الأممية التي تدخل من المعبر المذكور.

وشدّد السفير التركي على “ضرورة عدم نسيان الظروف التي دفعت مجلس الأمن الدولي إلى السماح بعمليات المساعدات الإنسانية الأممية العابرة للحدود منذ عام 2014″، مضيفًا “آلية مجلس الأمن الدولي العابرة للحدود ضد نظام الأسد الذي قتل شعبه بوحشية واستهدف البنى التحتية الإنسانية الحيوية، جاءت لإيصال المساعدات الإنسانية التي أمنت للنازحين في سوريا حياة آمنة”.

كما أشار “سينيرلي أوغلو” إلى أن الأسد وداعميه ارتكبوا العديد من جرائم الحرب ضد الإنسانية، متابعاً “اليوم، لا يزال ملايين الأشخاص العزل في شمال غربي سوريا يواجهون عقاباً جماعياً. إنهم يكافحون من أجل البقاء في منطقة حرب نشطة. أملهم الوحيد في البقاء هو المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة “.

وفي الجلسة نفسها، أفادت مندوبة أيرلندا في الأمم المتحدة “مني جول” أن بلادها ستعمل مع النرويج وبقية أعضاء مجلس الأمن على “تجديد هذا القرار الإنساني” ، مشيرة إلى أن بلادها تعتزم تقديم مشروع قرار “سيجدد ويوسع آلية إيصال المساعدات الإنسانية استجابة للاحتياجات الإنسانية الملحة”.

وحذرت “جول” من أن “الفشل في تجديد القرار (…) سيزيد من معاناة المدنيين في شمال غربي سوريا إلى مستويات غير مسبوقة خلال عقد من الصراع”.

“نفاق إجرامي”

في مقابل مطالبات الأمين العام للأمم المتحدة وممثلي الدول الغربية بتمديد آلية إيصال المساعدات إلى سوريا عبر الحدود، هاجمت روسيا تلك الدعوات، ووصفتها بأنها “نفاق إجرامي”.

وقال المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة “فاسيلي نيبيزيا” إن أعضاء مجلس الأمن “لا يراعون” في مطالباتهم بإبقاء تسليم المساعدات على الآلية الحالية “سيادة سوريا”، لافتاً إلى أنه “لا يمكن النظر في مسألة تمديد آلية المساعدات العابرة للحدود بمعزل عن الوضع في محافظة إدلب التي تحولت منذ فترة طويلة إلى ملاذ آمن للإرهابيين في سوريا”.

وخاطب نيبيزيا ممثلي الدول الغربية بالمجلس قائلاً: “لديّ انطباع بأن هذا الوضع الراهن في إدلب يناسب زملاءنا في مجلس الأمن ولا يزعجهم”، مضيفاً “من الصعب تسمية هذا الموقف بأي شيء آخر بخلاف النفاق الإجرامي”.

لا خطة بديلة

في المقابل، أكدت المندوبة الأمريكية الدائمة لدى المنظمة الأممية “ليندا توماس غرينفيلد”، للصحفيين عقب انتهاء الجلسة، مواصلة الولايات المتحدة العمل مع روسيا من أجل المحافظة على معبر “باب الهوى” مفتوحاً بعد 10 تموز القادم.

وأضافت أن “هذه القضية تحظى باهتمام حكومة الولايات المتحدة على أعلى المستويات”، وتابعت: “سنواصل الضغط. نحن ملتزمون بتقديم المساعدة الإنسانية للشعب السوري المحتاج. وسنعمل على القيام بذلك بغض النظر عما يحدث”.

وأوضحت “غرينفيلد” أن بلادها “لن تستسلم” حتى تحقق “على الأقل إبقاء معبر واحد مفتوحاً” مؤكدة عدم وجود “خطة بديلة” لهذه الآلية، وشددت على أن “الخطة (ب) هي الاستمرار في الضغط من أجل تمديد التفويض”.

وفي تموز 2014، اتخذ “مجلس الأمن الدولي” قراراً يُتيح عبور المساعدات الإنسانية إلى سوريا من أربع نقاط حدودية (باب السلامة وباب الهوى مع تركيا، واليعربية مع العراق، والرمثا مع الأردن).

واستخدمت روسيا في تموز الماضي “الفيتو” ضد تمديد قرار إيصال المساعدات عبر الحدود، ثم سمحت بمرور قرار ثانٍ قدّمته ألمانيا وبلجيكا، يسمح بذلك عبر نقطة حدودية واحدة هي “معبر باب الهوى” على الحدود مع تركيا.

وألمحت موسكو إلى أنها قد تغلق البرنامج تماماً أو على الأقل تقصر تفويضها من عام إلى ستة أشهر بحلول 10 تموز القادم، وهو موعد نهاية التفويض الحالي، تحت ذريعة مفادها أن الآلية الحالية “تهدد سيادة سوريا”.

ويتطلب صدور قرارات من مجلس الأمن، موافقة 9 دول على الأقل من أعضائه، شريطة ألا تعترض عليه أي من الدول الخمس دائمة العضوية، وهي روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.

راديو الكل – وكالة “الأناضول”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى