المساعدات الإنسانية والمسار السياسي خطوة للأمام وخطوتان للوراء

هل يكرس اجتماع روما واقع مناطق النفوذ؟ وماذا تعني خسارة المعابر وإغلاق باب الهوى أمام المساعدات؟

أسبوعان قادمان حافلان بالتحركات الدبلوماسية إزاء القضية السورية عنوانها المعلن ملف المساعدات الإنسانية الذي بدأ رحلته من زيارة المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة إلى معبر باب الهوى ليحط في قمة بايدن ـ بوتين قبل أن ينتقل إلى مجلس الأمن مع إحاطة المبعوث الأممي غير بيدرسون ليصل غدا إلى روما حيث اجتماع المجموعة المصغرة والسبع الكبار إضافة إلى تركيا وقطر الذي سيعقد برئاسة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.

رحلة ملف المساعدات الإنسانية التي تقودها الولايات المتحدة وتزداد زخما مع صعود قوى إضافية على متنها سواء من السبع الكبار أو الأمم المتحدة ومنظماتها ستنتهي في مجلس الأمن قبل العاشر من الشهر القادم موعد انتهاء القرار الدولي بإدخال المساعدات ، إلا أنها سبقت بمسافات طويلة المسار السياسي الذي فشلت جميع الجهود المبذولة والإجراءات لانطلاقه بحسب المبعوث الأممي غير بيدرسون .

اجتماع روما حشد أمريكي للرد على الروس

ولمحت الولايات المتحدة لموسكو في سابق بأنه مقابل موافقتها على فتح ثلاثة معابر فإنه سيكون هناك تخفيض لمفاعيل قانون قيصر وهو ما ظهر من خلال استثنائها الأدوية والأغذية مؤخرا ، بينما روسيا لم ترد واتهم وزير خارجيتها عبر رسالة للأمين العام للأمم المتحدة الدول الغربية بالابتزاز ، وعليه حشدت الولايات المتحدة في روما لاجتماع دعت إليه بالإضافة إلى المجموعة المصغرة السبع الكبار وتركيا وقطر إضافة إلى إيرلندا بوصفها مسؤولة عن الشؤون الإنسانية إلى جانب النرويج وكذلك الجامعة العربية بهدف طرح مسألة التطبيع العربي مع النظام.

وطرحت الولايات المتحدة فتح ثلاثة معابر فبالإضافة إلى الإبقاء على معبر باب الهوى مع إدلب تريد معبر آخر هو باب السلامة بين ريف حلب الشمالي وتركيا وآخر هو اليعربية بين شرق الفرات وبين شمال العراق .

هل هناك تفاهم دولي على تكريس الوضع الراهن

القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، جووي هود الذي زار شرق الفرات مؤخرا أضاف هدفا لوجود قوات بلاده شرق الفرات غير محاربة داعش وهو تقديم المساعدات الإنسانية لسوريا وبسط الاستقرار بما وصفه بالمناطق المحررة في سوريا

تصريحات المسؤول الأمريكي طرحت سؤالا إضافيا أيضا وهو لماذا لا يكون هناك تفاهم بين القوى الموجودة على الأرض السورية لتكريس الوضع القائم حاليا ولا سيما بعد أن لمح بيدرسون بأن هناك خطرا على الترتيبات القائمة بين تلك القوى ، وأيضا من خلال تصريح نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف بحصول تقارب في وجهتي النظر الروسية والأمريكية إزاء سوريا بعد قمة بوتين بايدن

خسارة معركة المعابر إن حصلت ستكون أشبه بخسارة حلب

وشبه الكاتب والمحلل السياسي عبد الفتاح أبو طاحون مايجري بخصوص المعابر بمعركة حلب التي خسرتها المعارضة وقال إن على الجميع أن يدرك أنها معركة خطيرة وليست دبلوماسية بسيطة لأنه اتضح الآن أن مايريده النظام العالمي والمجتمع الدولي هو إعادة المعابر للنظام وقال إن الأمل معقود على الأصدقاء الأتراك بإنقاذ الشمال السوري .

وأضاف أن الشمال السوري المحرر معرض لأن يفقد حريته في المعادلة لأن المماطلات من جانب المجتمع الدولي يراد منها إعادة تأهيل النظام لتسليمه مرافق الدولة ومعركة المعابر هي من أهم معارك الثورة السورية واذا ما حصل النظام على المعابر فإنها ستكون مصيبة تحل بالشمال السوري .

طرح فتح ثلاث معابر هدفه رفع سقف المطالب

وقال المحلل السياسي حسن النيفي إن طرح الولايات المتحدة فتح ثلاث معابر يأتي من باب رفع السقف لإجبار روسيا على التفاهم من أجل الإبقاء على معبر الهوى وأيضا رسالة إلى روسيا بأنها إن أصرت على الفيتو فهناك إمكانية لفتح ممرات إنسانية من خارج مجلس الأمن .

وأضاف النيفي أن الولايات المتحدة أرادت من اجتماع روما والتصريحات الأمريكية المرافقة التأكيد بأن لا تغيير بالنسبة للعقوبات المفروضة على النظام وأن مسألة التطبيع مشروطة بالالتزام بالقرار الدولي 2254 والانخراط بالعملية السياسية .

روسيا تبتز المجتمع الدولي بالنسبة للمعابر

ورأى الأكاديمي والباحث السياسي د. فايز قنطار أن مسألة المعابر تشكل بالنسبة إلى روسيا ورقة للمساومة فهي تريد أن يقدم لها شيئ مقابل عدم استخدامها الفيتو ولكن في نفس الوقت لها مصلحة في وضع المعابر بيد النظام من أجل حرمان الشمال السوري من المساعدات وتمويل حرب النظام ضد السوريين وقال إن روسيا لا تأبه لمأساة الشعب السوري وتضغط باتجاه وضع تلك المعابر بيد النظام .

غدا في روما قد تنقشع بعضا من ترتيبات مقبلة وإن كان عنوان اجتماع المجموعة المصغرة والسبع الكبار هو المساعدات الإنسانية ولكن هل الكارثة السورية تتعلق بمساعدات إنسانية أو تعثرها تعثرها وتهديد روسيا باستخدام الفيتو لتعطيلها أم أنها تطرح نفسها دوليا كملف جديد يملأ تعويمه الفراغ الذي أحدثه فشل المسار السياسي بوصفه استحقاقا واجبا على القوى الممسكة بالقضية السورية، وهل الهدف من تعويمها هو تحويل الأنظار عن عدم رغبتها في تحقيق تقدم في هذا المسار ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى