النظام يرفض لقاء بيدرسون ووزراؤه يغرقون غريفيث بطلبات المساعدات

وقائع غريبة في غياب بيدرسون، والنظام نجح في تغليب مسار المساعدات على المسار السياسي

تعكس الحفاوة التي استقبل فيها النظام وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث أمس وتريثه في الموافقة على قدوم المبعوث الأممي غير بيدرسون إلى دمشق توجهه في الاستحواذ على أموال الإغاثة على حساب المسار السياسي.

ترحيب النظام بـ غريفيث انطلق من تركيزه على قرار تمديد المساعدات كمدخل بينما نحى القرار 2254 متهما بيدرسون بالخروج عن دوره كميسير للمفاوضات ولا سيما بعد تحميل المبعوث الأممي النظام مسؤولية تعثر اللجنة الدستورية وأيضا بعد لقائه مع ناشطين من درعا.

وقائع غريبة في غياب بيدرسون

فعدا عن إطلالته الأخير في مجلس الأمن لم يسجل غير بيدرسون ظهورا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة وهو مبعوث من الأمم المتحدة إلى سوريا ..ولكن لماذا ؟

عن هذا السؤال يجيب المحلل السياسي قحطان شرقي بأنه لم يثبت بيدرسون أو غيره من المبعوثين الأمميين أي جدية في التعامل مع الملف السوري ، وبقيت مواقفهم في إطار تصريحات إعلامية ليس أكثر.

ما قاله قحطان شرقي يسلط الضوء على المكان الذي أخذ المجتمع الدولي القضية السورية إليه وهو المكان الذي يبدو مكتظا بمستودعات المساعدات الإنسانية ، فبعد رفض النظام استقبال بيدرسون كما تردد فإنه يستقبل وبحفاوة وكيل الأمين العام لللأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث أما لماذا ؟ فقد تكون الإجابة من خلال تجمع ستة وزراء من حكومة النظام حوله وإغراقه بالطلبات.

6 وزراء يحيطون بـ غريفيث ويغروقنه بالطلبات

وزراء حكومة النظام الـ 6 الذين التقوا بـ غريفيث طلبوا منه المساعدة في إعادة تأهيل البنى التحتية لتشجيع عودة المدنيين وترميم وبناء المدارس وتوفير لقاحات كورونا وتأمين أجهزة مساعدة للأشخاص ذوي الإعاقة الذين زاد عددهم بسبب الحرب.

طلبات النظام عكست تركيزه على الاستحواذ على المساعدات الأممية ، بينما يتجاهل الحل السياسي ويبدو أن المجتمع الدولي ليس بعيدا عن أولويات النظام.

نجار: القرار 2585 يسمح بتجاوز قيصر

ورأى الأكاديمي والباحث السياسي ياسر نجار أن تركيز النظام على المساعدات الإنسانية هو نتيجة متوقعة من خلال قراءة ما أراده الروس من خلال القرار 2585 المتعلق بتمديد المساعدات إذ ضمنوه رؤية تسمح للنظام بتجاوز قانون قيصر الذي يمنع التنسيق مع النظام في مسألة إعادة الإعمار.

وقال نجار إن القرار 2585 يتضمن أن تقوم الأمم المتحدة بتسهيل إعادة الاعمار في البنى التحتية والصحة ، وعليه فإن النظام يرسل رسالة من خلال استقباله غريفيث بأنه في حل من الانصياع لعملية الانتقال السياسي وبأنه لن يخضع لأي ضغوط باتجاه أي مفاوضات سياسية.

وأضاف نجار أن النظام سيستثمر القرار 2585 ليكون بديلا للقرار 2254 ولن ينخرط بعملية سياسية وسيستمر بالعملية الإنسانية وتجاوز العقوبات المفروضة عليه مشيرا إلى أنه كان هناك دهاء سياسي روسي من خلال تضمين قرار تمديد المساعدات نقاط لمصلحة النظام من بينها فتح معابر داخلية إضافة لمعبر باب الهوى الحدودي ، في حين كان تركيز الولايات المتحدة على أن تستمر آلية إدخال المساعدات.

النظام ومنظومة فساد الأمم المتحدة مصالح مشتركة

وتوقع نجار أن تحمل الأيام القادمة مستجدات لجهة إعلان الأمم المتحدة بأن النظام يتعاون في المناطق التي لا تخضع لسيطرته وقال إن المساعدات الأممية ستكون للنظام طاقة تفتح له وستكون منفذا لسرقة المساعدات وأموال السوريين تحت ما يسمى مشاريع إعادة الاعمار.

وأضاف أنه بالبداية سيكون هناك اشراف أممي بالنسبة للطلبات التي قدمتها حكومة النظام ولكنها لن تطول ولا سيما في ظل وجود فساد في الأمم المتحدة كما حدث في وقت سابق إذ أن منظومة الفساد لدى النظام ستتعاون مع منظومة الفساد الأممية.

المساعدات الأممية ستوجه للجيش وتجار الأزمات

ومن جانبه رأى الكاتب والصحفي سامر العاني أن أي مساعدات أممية ستصل إلى النظام سيوجهها للجيش ولتجار الأزمات وقال إن سعي النظام ومن خلفه روسيا لفتح المعابر في الداخل وتحويل المساعدات من معبر باب الهوى إلى مناطقه ، هدفه السيطرة عليها في ظل أزمته الاقتصادية وأزمة الأهالي المعيشية ليعطي صورة تشير إلى تحسن الوضع وتجاوز الأزمة ولكنه في النتيجة يتطلع إلى سرقة المساعدات.

وأشار العاني إلى توقف المسار السياسي وقال لا يوجد أي تقدم فيه، بسبب عرقلة النظام لعمل اللجنة الدستورية التي لم يتم الاتفاق حتى الآن على جدول أعمالها وهو ما يلقى دعما من جانب الروس.

وأضاف أن القرار 2254 معلق وهناك خلاف حول بنوده ولا سيما لجهة سير السلال الأربعة بالتوازي أم بالتسلسل وبالتالي فإن العملية السياسية تتجه لتشكيل حكومة انتقالية أو حكومة وحدة وطنية مناصفة بين النظام والمعارضة.

وقال إنه يحسب للمعارضة أنها حافظت على سقف مطالب الثورة ولم تتنازل في الاستحقاقات السياسية ولكن ذلك لا يكفي، إذ أنها لا تملك أوراق قوية ضد النظام فحتى قانون قيصر لم يصدر بجهودها وعليها البحث عن أوراق تستطيع من خلالها مواجهة النظام.

راديو الكل ـ فؤاد عزام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى