عامان على تسريب آلاف الصور لضحايا التعذيب.. والمجرم الأسد لا يزال طليقاً

كثيرة هي قصص الموت في سوريا، بعضها يخرج للعلن ومنها يبقى أسير القضبان، حالها حال آلاف المعتقلين الذين يعيشون حالة انفصام عن الزمان والمكان، في أقبية معتمة تفصلهم سماكة الجدران فيها عن العالم الخارجي بكل تفاصيله وأحداثه.
من هناك تظهر إلى العلن كل فترة أدلة تثبت إجرام الأسد ووحشيته في التعامل مع المعتقلين، من بينها الصور الصادمة التي سربها مصور سابق في الشرطة العسكرية يعرف باسم قيصر بعد فراره من سوريا، ونشرت صوره علناً للمرة الأولى في 21 من يناير للعام 2014.

منظمة هيومن رايتس ووتش وثقت 28 ألف صورة لمعتقلين في سجون نظام الأسد بعد تحقيق دام 9 أشهر، أكدت بناء عليه أن الصور المسربة تشكّل أدلة دامغة على ارتكاب النظام جرائم ضد الإنسانية، وفق تقرير أصدرته منتصف شهر كانون الأول الماضي بعنوان “لو تكلم الموتى”.

وأفادت في تقريرها بأن أكثر من 6700 معتقل ماتوا إما في المعتقلات أو بعد نقلهم إلى مستشفى عسكري، وبأن معظمهم اعتقلتهم فروع لأجهزة مخابرات فقط في دمشق، وأرسلت جثثهم إلى ما لايقل عن مستشفيين عسكريين في دمشق في الفترة الممتدة بين شهر أيار 2011، حين بدأ قيصر نسخ ملفات الصور وتسريبها خارج مقر عمله؛ حتى آب 2013 حين فر من سوريا، مشيرة إلى أنها وجدت أدلة على تفشي التعذيب والتجويع والضرب والأمراض في مراكز اعتقال النظام.
في موازاة ذلك وبعيداً عن أروقة المنظمات الحقوقية؛ يحاول أهالي الضحايا التعرف على صور ذويهم عبر صفحات الانترنت، التي تتكشف كل يوم عن أسماء الأجساد الهزيلة المهملة، التي ظهرت وآثار التعذيب بادية على معظمها، في وقت وسم كل منها برقم على الجبين.

راديو الكل أجرى حوار مع أحد ذوي الضحايا، حيث قال السيد “خالد” بإنه تعرف على صورة والده من بين الصور التي تم تسريبها وانتشرت على مواقع التواصل الإجتماعي، حيث ظهر على وجهه علامات النحف دون عرض بقية جسمه، مشيراً إلى إخطار الشرطة العسكرية بوفاة والده قبل بعام من نشر الصور لكن لم يتم التأكد من ذلك على الرغم من التواصل مع عدد من الأشخاص الذين لديهم علاقة بالنظام والأفرع الأمنية.

وعن كيفية الإعتقال ذكر بأنه في تاريخ 11- 9 – 2013 تم إيقافه ووالده على أحد حواجز النظام ليتم اقتياد والده فقط، البالغ من العمر “67” سنة بتهمة إنه “مسلح”، ليتم تبليغ الشرطة العسكرية بعد 5 أشهر من الإعتقال بوفاته، لافتاً إلى محاولة آخذ الجثة من المشفى العسكري لكن النظام تحجج بدفنها في مقبرة “نجها”.

من جانبه أشار “بسام الأحمد” الناطق بإسم مركز توثيق الإنتهاكات في سوريا، إلى أن الصور المسربة أكدت الشهادات التي حصلت عليها المراكز الحقوقية حول الإنتهاكات الموثقة بعدة تقارير الخاصة بملف تعذيب المعتقلين في أقبية النظام.
وأشار “الأحمد” إلى أن عدد الحالات التي تم نشرتها منظمة “هيومن رايتس ووتش” من بين الصور المسربة تراوح بين 25 و30 حالة بعد الحصول على إذن ذويهم بالنشر، حيث تم التواصل مع ضباط منشقين وممرضين، ومعتقلين سابقين كانوا بصحبة الضحايا في الأقبية حيث تم عرض الحالات على خبير جنائي، منوهاً أن كل ضحية كان لها قرابة (4و6) صور واضحة حيث ظهر آثار التعذيب والجوع على بعض الجثث.

ولفت الناطق بإسم مركز توثيق الإنتهاكات على عدم التنسيق بين المنظمات الحقوقية بخصوص ملف الصور المسربة، على الرغم من وجود بعض المبادرات والطروحات لجلب جميع الصور والإتفاق على آلية للتعرف على الضحايا ومن ثم التنسيق لعرض القضية على لمحاكم، إلا أن جميع المحاولات لم تكلل بالنجاح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى