في ظل الحديث عن خلافات تركية ـ أمريكية هل تتقارب روسيا مع تركيا أكثر وما انعكاس ذلك على القضية السورية؟

محللون: تسوية أمريكية روسية حول سوريا تُطبخ الآن، و العلاقات التركية الأمريكية تمر بأسوأ حالاتها

تطورات لافتة قبيل قمة أردوغان ـ بوتين ليست فقط على الأرض في شمال غرب سوريا، بل على الصعيد الدبلوماسي أيضاً، إذ أظهرت تصريحات للرئيس التركي وجود خلافات بين تركيا والولايات المتحدة، وهو ما سينعكس على الأوضاع في سوريا، ولا سيما في ظل الحراك الدبلوماسي الإقليمي والدولي بخصوص ملفات القضية السورية بحسب المصادر التركية.

تصريحات الرئيس أردوغان لشبكة سي بي إس الأمريكية جاءت بعيد عودته من نيويورك، عقب مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعشية القمة التركية الروسية المرتقبة، وفي ظل تصعيد روسي شمال غرب سوريا وحديث الولايات المتحدة بعدم الانسحاب من شرق الفرات حاليا.

الرئيس أردوغان ركز في تصريحاته على سحب القوات الأمريكية من سوريا ومطالبة الولايات المتحدة بتحديد موقفها إما أن تكون مع تركيا أو مع التنظيمات الإرهابية، وهي تأتي عشية القمة التي سيعقدها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فكيف ستنعكس تلك الخلافات على هذه القمة؟ وهل هي خلافات عابرة بين دولتين عضوين بالناتو أم أنها تؤسس لتصعيد أوسع؟

تصريحات أردوغان تعكس خلافات بين واشنطن وأنقرة

الصحفي التركي هشام جوناي وصف التصريحات بأنها تعكس وجود خلافات بين تركيا والولايات المتحدة، وقال جوناي لراديو الكل إن الولايات المتحدة مصرة على دعم الوحدات الكردية التي تعدها تركيا تنظيمات إرهابية.

وأظهرت تصريحات الرئيس أردوغان الأولويات التي يريد التركيز عليها خلال القمة التركية الروسية، وهي تحمل بحسب جوناي رسائل إلى روسيا، ولكن هل تقرب الخلافات بين تركيا والولايات المتحدة المسافة بين تركيا وروسيا، وكيف سينعكس ذلك على ملفات المنطقة ولا سيما القضية السورية؟

العلاقات التركية الأمريكية تمر بأسوأ حالاتها

الكاتب والمحلل السياسي طه عودة أوغلو رأى أن الخلافات التركية الأمريكية لم تغادر المنطقة خلال الأشهر الماضية، وإن أخذت استراحة لبعض الوقت، واصفا العلاقات بين الجانبين بأنها تعيش أسوأ حالاتها وبأن لها انعكاسا على تركيا وعلى الملفات المحيطة بها.

وقال طه عودة أوغلو: سياسة الإدارة الأمريكية الحالية لم تختلف عن سابقاتها، ولا سيما إزاء دعمها للتنظيمات الإرهابية، وهذا يشكل شرخا كبيرا في العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، مشيرا إلى أن العلاقات بين الجانبين معرضة للخطر ولا سيما بعد التصريحات العلنية.

تسوية أمريكية روسية حول سوريا تطبخ الآن

وأضاف طه عودة أوغلو أن أي تباعد تركي أمريكي يقابله تقارب روسي تركي، والرئيس بوتين سيستغل الفرصة ولا سيما في القمة بين البلدين، مشيرا إلى أن انزعاج تركيا الأكبر يتعلق بتسوية بين روسيا والولايات المتحدة حول سوريا يجري الإعداد لها وهي بمرحلة التبلور.

وقال طه عودة أوغلو إن الرئيس أردوغان أعلن قبل مدة أن تركيا تعد نفسها لاعبا رئيسا على الساحة السورية وتحاول قدر الإمكان أن توازن في علاقاتها مع كل من الولايات المتحدة وروسيا التي هي بحاجة لتركيا، ومن الممكن أن تكون تصريحات الرئيس أردوغان تؤسس لأرضية للحوار مع الروس.

من جانبه رأى الأكاديمي والباحث السياسي ياسر نجار أن الملف السوري ليس هو الوحيد الذي يربط بين الجانبين على الرغم من أنه سيكون الحاضر الأكبر على جدول قمة أردوغان ـ بوتين ومن بين الملفات مسألة صواريخ إس 400.

تم استبعاد تركيا من تفاهم أمريكي روسي

وقال نجار إن تركيا تسعى لحل يضمن استقرار شمال سوريا وأمنها، في حين أن روسيا لديها أجندة واضحة من خلال عملية تأهيل النظام، مشيرا إلى أن الجميع كان يراهن على وجود تفاهم تركي أمريكي روسي بخصوص إدلب، ولكن تم إبعاد تركيا، لافتاً إلى تفاهم أمريكي روسي أو اتفاقيات حول إدلب، وهو الملف الأكثر أهمية بالنسبة لتركيا لجهة الحفاظ على أمنها القومي.

وأضاف أن الولايات المتحدة غير مهتمة كثيرا بسوريا وتعطي بعضا من الدور الوظيفي إلى روسيا، وبنفس الوقت هي لا تستطيع تجاوز المؤسسات الأمريكية التي أقرت وجودا أمريكيا في المنطقة بشكل رمزي، وفي نفس الوقت هو فاعل جداً؛ لأنه يمنع تمدد إيران ويمنع النظام من الوصول إلى شرق الفرات والحصول على مصادر الطاقة.

قمة أردوغان ـ بوتين ستكون شاقة

وقال نجار إن هناك مفاوضات شاقة خلال قمة أردوغان ـ بوتين ولا سيما أنها ستكون مباشرة بين الرئيسين، ولدى الرئيس التركي ما يطرحه، إذ إن روسيا لن تتعامل بعنجهية إزاء إدلب، فما يهم روسيا هو أن يكون هناك المزيد من التقارب مع تركيا على حساب الناتو، ولن يكون هناك تشبثا كبيرا من جانب روسيا بالنسبة لملف إدلب.

وأضاف أن التصعيد العسكري الروسي هو إرهاصات من المفاوض الروسي الذي يريد أن يقول إن لديه علاقات قوية مع الولايات المتحدة وأيضا مع الوحدات الكردية، ولكن روسيا ستدرك أنها أمام حليف أقوى وأقرب هو تركيا.

وقبيل القمة لوحت روسيا باستمرار الحرب في إدلب، وكذلك هددت بإغلاق معبر باب الهوى بهدف الحصول على تنازلات من تركيا، مايعكس أهمية القمة باعتبارها مفصلية بالنسبة للملف السوري، ولكن وعلى الرغم من توقعات مصادر قريبة من الكرملين بأن القمة ستسفر عن اتفاق على مواصلة التنسيق، إلا أن تطورات الساعات القادمة قد تكشف تفاصيل أكثر في ضوء التصريحات التي أطلقها الرئيس أردوغان.

فؤاد عزام – راديو الكل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى