سوريا بلا دواء… والبدائل الطبيعية تتسبب بالإدمان

راديو الكل ـ خاص

شهدت الصناعة الدوائية في سوريا تدهوراً وتراجعاً حاداً على امتداد الخمس سنوات الأخيرة، بعد أن كانت تشكّل اكتفاء ذاتياً إلى حد كبير، بإنتاجها أكثر من تسعين بالمئة من احتياجاتها، كما وحازت على سمعة جيدة جعلتها  تتصدر المرتبة الثانية عربياً بعد الأردن في تصدير الدواء.

وأصبحت الرفوف شبه خالية من معظم الأدوية، وخاصة تلك التي يحتاجها مرضى السكري والضغط والسرطان، مع عدم وجود تراكيب بديلة في معظم الأحيان، فيما يعجز أغلب السوريون عن شرائها هذا إن وجدت أصلاً وذلك نظراً لتضاعف أسعارها.

وقال المدير السابق للإمداد والتموين الطبي في وزارة الصحة في الحكومة المؤقتة لراديو الكل أنس السيد عيسى إن الوحشية التي يتعامل بها النظام منذ بداية الثورة وانقططاع المحروقات ساهمت باضعاف القدرة الإنتاجية للمشافي لـ 20%

وأشار إلى أن الصناعة الدوائية في سوريا هي بالأصل مكملات لا أكثر، وأن سوريا لا تنتج المادة الفعالية، وقد أثرت العقوبات بشكل كبير على توافر المادة الفعالة لصناعة الأدوية كما أن مشكلة الاستيراد  ساهم بنشاط الأدوية المغشوشة التي هي بلا فاعلية

وأكد بأن هناك أطفال ماتوا ويتهددهم الموت بسبب نقص الأدوية، أو عدم الانتظام  بتوافرها، ما يضطر المريض لتخفيف الجرعة، وبالتالي تفاقم حالتته المرضية ووصوله للموت، مشيراً لفقدان لعدد من الأدوية أيضاً وعلى رأسها السرطانية وادوية زرع الكلية والتصليب اللويحي والتلاسيميا وبعض الأدوية العصبية والقلبية المنقذة للحياة وإن توفرت فتكون مغشوشة، منوهاً بأن الحكومة التركية تقدم جهداً هائلاً لتوفير الدواء للأمراض القلبية والسرطانية.

وعن رفع أسعار الأدوية قال ان الكثيرين خفضوا الجرعة بسبب رفع الأسعار من قبل حكومة النظام بنسبة 50%

 

مشكلةٌ تتأزم كل يوم مع تزايد وتيرة المعارك، التي تسبّبت بإغلاق نحو خمسة وسبعين بالمئة من مصانع الأدوية الهامة في المناطق الساخنة في حلب وحمص وريف دمشق، فيما يعمل ما تبقى منها بأقل من ربع طاقتها الإنتاجية وفقاً لتقارير وزارة الصحة في حكومة النظام، ما أدى إلى انخفاض نسبة الدواء المصنع محلياً من واحد وتسعين بالمئة خلال عام 2010، إلى 30% في الوقت الحالي، في وقت يتشاطر النظام وتنظيم داعش المسؤولية جراء قصف وتخريب تلك المعامل أو محاصرتها وقطع طرق الوصول إليها في أفضل الأحوال.

هذا الواقع سمح لبعض شركات الأدوية التي لا تزال تنتج بعض الأنواع الدوائية برفع الأسعار مستغلة حاجة المواطن، كما وتفرض تلك المستودعات في بعض الأحيان شراء أصناف قليلة الاستخدام أو قريبة من انتهاء الصلاحية مقابل الحصول على غيرها من الأدوية القليلة التي يحتاجون، فيما يشكو عدد من الصيادلة والأطباء من انخفاض جودة تصنيع بعض الأدوية وتجاوزات في معايير التصنيع، في ظل الفوضى وغياب الرقابة على عملية إنتاج الدواء.

 

واضطر شح الدواء؛ بعض الناس لتركيب بعض المسكنات والأودية الأساسية من الأعشاب، وهي ذات تركيز دوائي عالي وفعالية كبيرة تؤدي في كثير من الأحيان إلى الإدمان، حسبما قالت الأخصائية الاجتماعية أماني سندة

ومع تواصل أزمة الدواء اليوم؛ يعود الناس وبشكل غير مدروس باتجاه الطب الشعبي، أملاً أن يجدوا فيه شفاء لهم بعد أن باتت سوريا بلا دواء، في مشهد مأساوي يختبئ خلف دمار الحرب.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى