معسكر “دير شميل”.. معقل سري للشبيحة مستقل عن أفرع النظام

عند الحديث عن سجون نظام الأسد فالكلام يطول، ومهما استمر فلن ينتهي من وصف مشهد يختصر الاستبداد والجبروت لنظام حكم البلاد بالنار والحديد على مدى عقود، وتفنن بأساليب القتل والتنكيل بحق معتقلين زجّ بهم في أقبية وزنزانات، الداخل إليها مفقود، والخارج منها مولود.

 

معسكر دير شميل، أحد تلك السجون، يقع على بعد خمسة وثلاثين كيلو متراً غرب مدينة حماة، ونحو سبعة كيلو مترات عن مدينة مصياف شرقاً، مرتكزاً عند منطقة جبلية تطل على جميع القرى المحيطة به.

 

تقدّر مساحة المعتقل بحوالي مئة وثمانين دونماً، يتألف من ثلاث زنزانات واثنتي عشرة منفردة، تضم مجموعة أبنية تتكون من سكن ومكاتب الضباط والشبيحة ومراكز مخصصة للتحقيق والتعذيب.

 

كان هذا المعتقل في الأساس مركزاً للتدريب الجامعي، حوله العميد (وليد أباظة) رئيس الأمن السياسي السابق في حماة إلى سجن، تم تسليمه فيما بعد للضابط (فضل ميكائيل) المفصول من الحرس الجمهوري، يوجد فيه نحو خمسة آلاف معتقل من بينهم أربعمئة امرأة، يمنع مناداتهم بأسمائهم، بل بأرقام تعطى لهم كي لا تعرف هوية أي ممن يتم إدخالهم إلى التحقيق، كما ويضع نزيل المعتقل عصابة على رأسه طوال الوقت تمنعه من رؤية او معرفة أي من المعتقلين أو العاملين هناك.

يستمد معتقل “دير شميل” شهرته من كونه مستقل بحد ذاته، إذ لا يخضع لأية جهة أمنية أو حكومية، ولا يعترف بأي وثائق صادرة عن تلك الجهات، يدار بشكل كامل من ميليشيات الشبيحة، التي اتخذت من هذا المعسكر مقراً للتجمع والقيادة، مزودين بعشرات السيارات المسلحة، وبرشاشات متوسطة أو ثقيلة، بالإضافة إلى المعدات العسكرية الأخرى، كالقنابل والقذائف المضادة للدروع.

 

الشبكة السورية لحقوق الإنسان أكدت في تقرير سابق لها أن الهدف الرئيسي من إنشاء معتقل “دير شميل” وغيره من مراكز الاحتجاز السرية؛ هو التعذيب الوحشي الذي يفوق بكثير مقرات الأفرع الأمنية، حيث تمارس عميلات التنكيل على خلفيات دينية، إلى جانب الحصول على مبالغ مالية طائلة من الأهالي مقابل ذويهم المتجزين.

 

يعتبر معسكر دير شميل كابوساً لأهالي المناطق المجاورة، الذين يتهددهم يومياً خطر الاختطاف إلى هناك، فيما يؤكد آخرون بأن البحيرة المجاورة للمعسكر ستكون شاهدة على مجازر مروعة، مع عشرات الجثث التي يتم العثور عليها دائماً وعليها آثار التعذيب.

 

وفي هذا الصدد يقول مراسل راديو الكل في حماه وأحد المعتقلين السابقين لدى النظام، إن معتقل دير شميل أسسه العميد “وليد أباظة” رئيس الأمن السياسي السابق في حماة، ومن ثم تم تسليمه للضابط “فضل ميكائيل” ويدار من قبل مليشيات الدفاع الوطني.

 

وأضاف أن طريقة الإعتقال تقوم حصراً من خلال الخطف عن طريق دوريات خاصة، إلى جانب وجود حواجز خاصة تابعة له يعد أهمها حاجز الطلائع شرق مدينة مصياف، وحاجز نهر البارد بالريف الغربي لحماه، وحاجز آخر بالريف الشرقي بمحيط مدينة السلمية، يضافوا إلى بعض حواجز مليشيات الدفاع الوطني بمحيط مدينة اللطامنة وبلدة قمحانة.

 

وعن تجربته يقول إنه تم خطفه بالقرب من منزله في نهاية عام 2011، حيث وجهت له تهمتان دعم المسلحين والتخابر مع محطات معادية، مشيراً إلى إنه كان مشرف حملة جمع تبرعات لأهالي بابا عمر وإرسالها إلى مدينة حمص وتم خطفه لهذا السبب آنذاك.

 

وأكد أن المعقل لا يعترف بوجود أي سجين لديهم متحججين بأنه مقر عسكري، في حين يتعرض المعتقل للضرب من قبل جميع الحواجز التي يمر بها لحين الوصول إلى دير شميل، وهناك يبدأ التعذيب قبل التحقيق بالضرب بالعصي والسوط وغيرها من الأساليب.

 

ولفت إلى تقدم وجبة طعام واحدة للمعتقل وهي رغيف خبز واحد دون أية أطعمة آخرى، بحيث يكون الرغيف مرّ على خبزه أسبوع واحد ما يسبب تعفنه الأمر الذي يؤدي إلى إصابة المعتقلين بعدة أمراض، تضاف إلى أمراض ضيق التنفس بسبب الضرب المباشر على الصدر، وتقرح الجروح وانتشار القمل والروائح الكريهة في المعقل، حتى أن السجان يقوم بوضع كمامة ويقود السجين عن طريق عصا لتجنب لمسه.

 

وبيّن على تعرضه لكسر في الرقبة بسبب الضرب والنزيف من الفم، مؤكداً إنه تمكن من التواصل مع عائلته فيما بعد عن طريق سجين تم إطلق سراحه، وبعد الإعتماد على عدة وساطات ودفع مبالغ مادية كبيرة تم نقله إلى فرع الأمن العسكري ومن ثم إلى فرع الأمن السياسي، ليتم إطلاق سراحه بعد 8 أشهر من الإعتقال تم توقيفه خلالها 6 أشهر في دير شميل، وذكر إنه شهد وفاة عدة معتقلين حيث كانت تتم تصفيتهم بعد الساعة 12 عشر ليلاً بالمعقل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى