المرأة السورية في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة

شيماء البوطي: معركتنا ضد المفاهيم الخاطئة لا تقل شراسة عن معركتنا مع النظام

يصادف اليوم 25 من نوفمبر/ تشرين الثاني ما يعرف باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة ، وقد اختارته الأمم المتحدة في العام 1999 بداية سنوية لإطلاق 16 يوما من الفعاليات تختتم في 10 ديسمبر/ كانون الأول وهو اليوم العالمي لحقوق الإنسان.

قتل واعتقال وتعذيب

والعنف ضد المرأة في سوريا له وجه آخر أكثر قتامة مقارنة مع دول أخرى فهو مرتبط بالعنف الذي مارسه النظام ضد السوريين، واستخدم خلاله الأسلحة المحرمة والأساليب غير المشروعة، إذ طال بشكل أكثر قسوة المرأة من قتل خارج نطاق القانون واعتقال تعسفي وتعذيب وإعدام، وعنف جنسي، وتشريد قسري، وحصار وحرمان من الرعاية الصحية والخدمات الأساسية، ووصلت العديد من هذه الانتهاكات وخاصة القتل والتعذيب والإخفاء القسري إلى معدلات هي الأسوأ في العالم .

قتيلات على يد النظام

الشبكة السورية لحقوق الإنسان وثقت مقتل 28618 أنثى في سوريا منذ آذار من العام 2011، 93 منهن بسبب التعذيب، و10628 أنثى لا تزال قيد الاعتقال أو الاحتجاز، إضافة إلى 11523 حادثة عنف جنسي استهدفت الإناث، مشيرة إلى أن غالبية الانتهاكات كانت على يد نظام الأسد.

وتتضارب المعلومات حول عدد الإناث اللواتي اعتقلهن النظام لكن الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقول إن 10628 أنثى لا تزال قيد الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، بينهن 8497 على يد قوات نظام الأسد، و44 على يد “هيئة تحرير الشام”، و869 على يد “قوات سوريا الديمقراطية”، و942 على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة”.

أعباء إضافية

وتنوعت أعمال النساء السوريات، ودخلن مجالات متعددة في سوق العمل، بل إن كثيراً من هذه الأعمال تحتاج إلى مجهود عضلي وجسدي كبير كما اضطرت المرأة السورية للانخراط في مجالات عمل جديدة لم تكن تعمل بها من قبل، منها الانضمام إلى قطاع الدفاع المدني لمشاركة الرجل في عمليات إنقاذ وإسعاف الجرحى والمصابين وحتى في مجال البناء والكهرباء والإمدادات الصحية وجلي البلاط والعمل على الجرارات وقيادة السيارات، إلى جانب أعمال مارستها سابقاً كالخياطة والزرعة والتعليم وغيرها.

ملفات كانت مغلقة

وعلى الرغم من ازدياد العنف الذي تعرضت له المرأة خلال السنوات العشر الماضية، إلا أن ذلك فتح ملفات متعددة خاصة بها، كانت مغلقة ومجمدة لأنها تخضع لقوانين النظام، وأعراف اجتماعية منسجمة مع تلك القوانين ، من بينها جرائم الشرف المتوارثة لدى مكونات اجتماعية متعددة، وزواج القاصرات وغيرها ما وضع المرأة في مواجهة قضاياها.

وقد غيرت سنوات الثورة والصراع الدامي طبيعة الأعباء التي تتحملها المرأة، فيما بدت مع ازدياد الأخطار الكبيرة التي تعرضت، تعيد صياغة ذاتها المجتمعية إلى جانب الرجل، باتجاه نحت ثقافة جديدة بحيث يصح القول بأنها تخوض معركة وجود محركها الرئيسي تفكيك الأصولية الاجتماعية المتوارثة كما السياسية وهي اليوم تصنع المستحيل لتحفظ الأسرة من أي شكل من أشكال الضياع.

إنجازات المرأة

وما قامت به المرأة خلال سنوات الثورة هو مدعاة فخر للمجتمع، كما أن الإنجازات التي حققتها في مجالات الإغاثة والإعلام والمشاركة في المظاهرات السلمية، وتقديم الإسعافات، والأدوية، وتعرضها للاعتقال، والقنص، ومواجهتها لشتى أنواع القمع، شكّل لها خروجاً من السجن الذاتي والأسري والمجتمعي، وانتزعت لنفسها مكانة أساسية في سورية الغد، من خلال مواجهة الأزمات وتمسكها بحقها بالمشاركة الفعلية في صنع مستقبل البلاد رغم ظروف الحرب المأساوية.

المرأة في مواجهة جائحة العنف

وقد تضعف الأزمات الاقتصادية التي حملتها جائحة كورونا من دور المرأة على الصعيد العالمي، بسبب تحولها إلى أزمات اجتماعية بفعل الإغلاق والحجر والقيود المفروضة على الحركة، وهو ما أدى إلى زيادة كبيرة في عدد النساء والفتيات اللواتي يواجهن الإساءة والعنف في جميع البلدان تقريبا حسبما تقول الأمم المتحدة، ولكن المرأة السورية وعلى الرغم من أنها ليست بعيدة عن هذا التأثير، إلا أنها باتت الآن أقوى على المواجهة إذ إن جائحة العنف التي أوجدها نظام الأسد ولا تزال مستمرة منذ 10 سنوات جعلتها تمتلك أدوات مختلفة عن أدوات الأمس، ومن أبرزها الإرادة

سهير أومري: العنف له جذور اجتماعية

ورأت الكاتبة والصحفية سهير أومري أن العنف له جذور اجتماعية إنما الأنظمة الاستبدادية كرسته ومارسته على مجمل شرائح المجتمع فهناك منظومة تخلف متكاملة من التربية والتعليم وحتى بالنسبة للموروث الاجتماعي الذي يعمق التمييز بين الذكر والأنثى حتى في الأسرة.

وقالت سهير أومري إن العلاقة بين الرجل والمرأة ضمن المؤسسة الزوجية هي علاقة تكاملية تسودها الصداقة الحقيقية وليست علاقة سيد وعبد أو ندية ومعركة للغلبة.

شيماء البوطي: معركتنا مع المفاهيم الخاطئة

ومن جانبها رأت شيماء البوطي مديرة تجمع سنا لدعم المرأة السورية أن المرأة تعرضت لعنف مضاعف بسبب استبداد النظام ورواسب المجتمع الشرقي الذي يحمل كثير من المفاهيم الخاطئة مشيرة إلى أن أعباء المرأة السورية ازدادت منذ اندلاع الثورة ولكن ذلك لم يكن سلبيا بل من شأنه أن يرسخ دورها على اعتبارها نصف المجتمع.

وعرفت الأمم المتحدة العنف ضد المرأة بأنه : ” أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عنه أو يرجح أن يترتب عليه أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية ، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة “.

اتفاقية جنيف

وتنص اتفاقيات جنيف لعام 1949 على حماية النساء من التهجم على شرفهن وإهانة كرامتهن الشخصية في ظل النزاعات والحروب، في حين تشكل ممارسات النظام انتهاكا سافرا للاتفاقيات المتعلقة بالمعتقلين وأحكام القانون الدولي، بالتزامن مع عجز آليات القانون الدولي عن حماية المرأة السورية من الممارسات الوحشية التي تتعرض لها في مراكز الاحتجاز والمعتقلات التابعة للنظام السوري.

ولا شك أن اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، هو مناسبة دولية للتذكير بالمظالم والخروقات الاجتماعية والقانونية والاقتصادية إزاء المرأة على الصعيد العالمي، كذلك فهو على صعيد الأسرة مناسبة للتذكير بقوة التعاون والحب والصداقة الحقيقية بين الشريكين، شراكة لا حاكم فيها ولا محكوم ولا ظالم ولا مظلوم، ولا سيما أن من يعطي الحرية للآخر هو الحر.

راديو الكل ـ فؤاد عزام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى