أشجار الزيتون في ريف إدلب بين قصف النظام وشح الأسمدة والمواد.. وأسعاره ترتفع لأكثر من 10 أضعاف
“لو يذكر الزيتون غارسه..لصار الزيت دمعاً”.. مستهل قصيدة للشاعر الفلسطيني محمود درويش تحضر في الذاكرة، ونحن نتحدث عن الزيتون، الذي لطالما كان حاضراً عند التعبير عن الصمود والبقاء، لما يتمتع به من قدرة على العيش في أصعب الظروف والمتغيرات.
الشجرة المباركة التي أقسم بها سبحانه وتعالى في كتابه الكريم؛ حازت على مكانة رفيعة في حضارات عديدة في العالم أجمع، ولا تزال تحظى بأهمية كبيرة في عصرنا الحالي في رمزيتها وقيمتها الغذائية، وخاصة في منطقة دول البحر المتوسط.
تعتبر سوريا الثانية عربياً في زراعة الزيتون وتصديره، فيما تحتفظ محافظة ريف إدلب بالمرتبة الثانية بعد حلب في زراعته على مستوى القطر، من حيث الإنتاجية والمساحة المزروعة التي تقدر بنحو مئة وثلاثين ألف هكتار، المروي منها أربعة آلاف هكتار وذلك حسب إحصائيات العام الماضي، كما وتعد هذه الزراعة مصدر الدخل الأساسي لمعظم السكان في المحافظة، وتحتل المرتبة الأولى من بين الأشجار المثمرة في المحافظة من الناحية الاقتصادية بأكثر من أربع عشرة مليون شجرة، المثمر منها ثلاث عشرة مليون شجرة، والباقي أشجار صغيرة في العمر.
الحرب المستمرة منذ أربع سنوات؛ وما رافقها من تدهور في باقي القطاعات الموازية لها من محروقات ونقل، واستهداف طيران النظام بشكل ممنهج الأراضي الزراعية في ريف إدلب؛ كلها عوامل تسببت بتراجع زراعة الزيتون هناك، ما أدى إلى ارتفاع أسعاره بشكل جنوني متجاوزاً عشرة أضعاف، فيما فاقمت الأزمة أسباب أخرى، مثل نقص الأسمدة وارتفاع أسعار المحروقات وانخفاض اليد العاملة.
وفي هذا الصدد يقول الدكتور “عبد السلام الحامد” مدير مديرية الزراعة والثروة الحيوانية في الحكومة السورية المؤقتة، إن محافظة إدلب حالها حال مدن شمال سوريا تشتهر بزراعة الأشجار المثمرة ومن أهمها الزيتون، حيث يعتبر الزيتون محصول استراتيجي هام في سوريا، إذ أن التحليل الكيمائي لزيت الزيتون السوري يعطي ما لا يعطيه أي زيت في العالم ما يمنحه قيمة غذائية عالية، إضافة لقيمته التجارية حيث يخلط مع زيوت آخرى لإعطائها نكهة مميزة.
وأشار “الحامد” في مقابلة مع راديو الكل، إلى أن جبل الزاوية بريف إدلب يمتلك مناخ لزراعة الزيتون بأصنافه المختلفة، حيث تتكيف شجرة الزيتون مع المناخ وتتحمل درجات الحرارة المنخفضة وأيضاً الجفاف، لافتاً إلى أن سوريا تعتمد بشكل استراتيجي في السنوات الماضية على تصدير الزيتون كمصدر للدخل القومي ولدخل المزارع.
ولكن مع بداية الثورة تراجع الإهتمام بزراعة الزيتون حيث بات المحصول يعاني من مجموعة من المشاكل كإنعدام المبيدات والأسمدة النوعية الممتازة التي كانت متاحة سابقاً والوقود اللازم لتشغيل الآليات الزراعية، منوهاً إلى انتشار بعض المواد والمركبات مؤخراً في السوق ليست ذات نوعية جيدة ولا تفيد المحصول.
ولفت إلى هجرة كثير من المزراعين أراضيهم بسبب الأوضاع العسكرية في المنطقة، فقد أهملت الأراضي ولم تُخدم زراعة أشجار الزيتون بالأسمدة ومكافحة الحشرات والآفات والأسمدة اللازمة، موضحاً انخفاض انتاج الزيت في محافظة إدلب إلى قرابة 30% بناء على عينات عشوائية تم آخذها من المنطقة.
وأضاف مدير مديرية الزراعة إلى وجود مشكلة تمثلت بعدم قدرة المزارع على تسويق انتاجه، لأن أسعار الزيت في الأسواق المحلية لا تغطِ كلفة انتاج الزيت، لافتاً إلى لجوء المزارعين حالياً إلى الزراعة “التحميلية” كالبقوليات بين أشجار الزيتون لخدمة الأرض والمحافظة على الأشجار.
ونوّه “الحامد” في ختام حديثه على انخفاض عمل معاصر الزيتون بشكل كبير، وإنخفاض نوعية الزيت الناتج ونقاوته بسبب عدم توافر المعدات وارتفاع سعر العصر.