رغم ضرره.. أمهات في إدلب يُرضعن أطفالهن حليباً بقرياً
أحد الأطباء في إدلب يؤكد أن حليب الأم هو الأنسب لطفلها
دفعت الأوضاع المعيشية الصعبة رابعة السيّد أحمد من أهالي بلدة أرمناز شماليّ إدلب إلى الاعتماد على حليب الأبقار لتغذية رضيعها البالغ من العمر 4 أشهر بدلًا من الحليب الصناعي على الرغم من الأضرار التي قد تلحق به.
وقالت السيّد في حديثها لراديو الكل، إن وضعها المادي المتردي لا يمكنها من شراء الحليب الصناعي الذي وصل سعر العلبة منه بوزن 500 غرام إلى 50 ليرة تركية.
وتابعت: “أُدرك أن الحليب البقري يُسبب الأذى لصحة طفلي لعدم احتوائه على الحديد اللازم لنمو جسم الطفل، لكن يبقى الحال أفضل من أن يجهش بالبكاء ويتضورُ جوعًا”.
عائشة القدور من أهالي مدينة سرمدا تبين لراديو الكل، أنها تحتاج كل يومين علبة من الحليب الصناعي بثمن 50 ليرة تركية وهذا يفوق قدرتها الشرائية، مشيرة إلى أن حليب البقر لا يتجاوز سعر الكيلو منه 5 ليرات تركية وأن الطفل يحتاج إلى كيلو واحد خلال 24 ساعة فقط.
بينما يؤكد عبد الغني الصالح من مدينة إدلب لراديو الكل، أن طفلته تعرضت للإصابة بعفن المعدة بسبب تناولها الحليب البقري، منوهاً بأنه يعمل بأجر زهيد لا يتجاوز الـ 30 ليرة تركية يومياً وبالكاد يستطيع تأمين احتياجات عائلته بعد ارتفاع الأسعار.
وعن الأضرار التي تلحق بالأطفال الرضّع لتناولهم حليب الأبقار، الطبيب محمد فراس حمدو أخصائي أطفال من مدينة إدلب يقول لراديو الكل، إن الحليب البقري الذي يُعطى للأطفال بالأشهر الأولى من عمرهم يؤدي إلى نزيف هضمي لاحتوائه على البروتينات التي لا يمكن لأمعاء الطفل أن تهضمها إضافة إلى فقر الدم الذي يؤدي إلى ضعف الشهية والمناعة عند الأطفال.
ويبين حمدو في حديثه أن حليب الأم هو الأنسب للطفل، إلا أن ظروف الحرب وما تبعها من نزوح أصاب الأمهات بسوء التغذية وفقر في الدم بنسبة منهنّ قد تصل إلى 70%، وأثر على إنتاج الحليب لديهن، ما دفع بعضهن إلى استخدام الحليب الصناعي الذي يُعتبر أقل ضررًا من حليب الأبقار الذي لا أنصح به.
وحول انخفاض كمية دعم حليب الأطفال المقدمة من المنظمات الإنسانية في إدلب، أرجع معتز خطّاب مسؤول قسم المراقبة والتقييم في منظمة “سيريا شيرتي” لراديو الكل، أسباب ذلك إلى طول سنوات الحرب في سوريّا الذي أدى إلى تخفيض كمية الدعم المقدم من فرنسا عبر التبرعات العينية، إضافة إلى إقامة المشاريع الإغاثية منها أو القسائم المادية الذي انعكس سلبًا على انخفاض دعم حليب الأطفال.
وسبق أن أصدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) تقريرًا تحدثت خلاله عن وجود 4.7 مليون طفل وامرأة حامل ومرضع في سوريا معرضون لخطر سوء التغذية، وبحاجة إلى الرعاية العلاجية والخدمات الغذائية.
وأدى انخفاض سعر صرف الليرة التركية المتداولة محليًا أمام الدولار الأمريكي إلى تفاقم مُعاناة أصحاب الدخل المحدود في محافظة إدلب في ظل ندرة فرص العمل وغلاء جميع أنواع السلع الغذائية.