الصدمات النفسية للأطفال في الحروب.. آثارها ودور الأهل في علاجها

الحروب يصنعها دائماً الكبار ويقع ضحية لها الصغار، فالأطفال هم أكثر الفئات تضرراً من مخلفات الحرب، رغم أنهم يبدون قدرة على التكيف ولكنهم يظلون أكثر ضعفاً من البالغين. أضرار جسيمة تتهددهم مابين عاهات دائمة وأزمات نفسية وصدمات ناتجة عن مشاهد دامية شهدوها، منهم من مات أحد أفراد عائلته أمامه، ومنهم من بقي في الشارع بعد أن فقد معيله، فاضطر معها لترك مدرسته وكتبه بحثاً عن لقمة العيش، في وقت لا تفارق مشاهد الحرب كثيراص من الأطفال حتى في أحلامهم:
أخطر آثار الحروب هو الأثر النفسي الذي سيظهر لاحقاً في جيل كامل عايش الرعب والقلق، سيكبر وهو يعاني من مشاكل نفسية تتراوح خطورتها بحجم الصدمة التي تعرّض لها الطفل، وبقدر استيعاب المجتمع ووعي الأهل لمساعدة أطفالهم.

أهم تلك المشاكل هي ما يسمى حالة ما بعد الصدمة، والتي تظهر على شكل اضطرابات سلوكية كالتوتر والقلق الشديد، والميل إلى العزلة، وقضم الأظافر والتبول اللاإرادي في الفراش، والخوف وفقدان الأمان، فيشعر الطفل بأنه مهدد دائماً بعد أن عجز الوالدان اللذان هما مصدر قوة الطفل وأمانه عن توفير ذلك له، كما أن الضغوط النفسية الهائلة التي يرزح تحت وطأتها الأهل تنعكس على الطفل سلباً وتزيد من معاناته،العدوانية من أهم الآثار التي تظهر على الأطفال، لأن من يشهد العنف ويعايشه لابد أن يصبح عنيفاً في تعامله مع الآخرين، المراهقون أيضاً من أكثر الفئات تأثراً، فالمراهق الذي يعيش ثورة في نفسه لإثبات ذاته يمكن أن تزوده الحرب بصورة مشوهة عن الحرية والثورة المنشودة، فيقع بعضهم في انحراف سلوكي ناتج عن اضطراب في مشاعره من جراء دموية الحرب ومشاهدها العنيفة، فيلجأ إلى حمل السلاح متباهياً به معتبراً أنه رمز الأمان والقوة، أو يذهب إلى السرقة وإدمان الكحول والمخدرات.

تقول الأخصائية “خلود الذهب”، هناك عدة احتياجات طبيعية للنمو عند الطفل وفي وقت الحرب والأزمات تتآذى هذه الإحتياجات، كإضطرابات ما بعد الصدمة والضغط الحاد واضطراب التكييف.

وأشارت “الذهب” لراديو الكل، إلى أن أعراض هذه الإضطرابات تظهر على الطفل كمشاكل عضلية، التبول اللا إرادي، شراهة بالأكل أو الإمتناع عنه، صعوبة في النوم أو النوم المفرط، وآلام جسدية، لمس الأعضاء التناسلية، مؤكدةً عند ظهور هذه الأعراض يتوجب على الأهل مراجعة الطبيب المختص.

ولفتت إلى اهتزاز القيم لدى الأطفال وقت الحروب حيث يهتز مفهوم العدالة ويلجأ للعنف أحياناً، وأوضحت ضرورة إخطار الطفل بمراسم الحداد لأن الطفل يدرك مفهوم الموت في العمر ما بين 6 و12 سنة.

وعن الإجراءات والتدابير التي يتوجب على الأهل اتخاذها من أجل توفير بيئة نمائية آمنة للأطفال ضمن المتاح، أكدت الأخصائية على ضرورة التواصل مع الطفل لأنه بذلك يشعر بالأمان، كذلك إعطائه فرصة للتعبير عن مشاعره وانفعالاته، منوهةً أن نبرة صوت الأهل وتعابير الوجه يكون لها دور أحياناً في هذا السياق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى