السوريون يبتدعون بدائل لاحتياجاتهم المفقودة

إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر.. لو كان الشاعر الكبير أبو القاسم الشابي حي في عصر الثورة السورية كان أهدى كلماته للشعب السوري الجبار الذي استطاع أن يتحايل على كل أشكال الموت بمحبته للحياة فكلما ضُيق الخناق عليه من جهة ابتكر طرقا و بدائل للحصول على متطلباته الأساسية معتمدا على أساليب بدائية  في كثيرمن الأحيان .

فخلال سنوات الثورة ذاق الشعب السوري الحرمان بكل اشكاله ، بدءا بفقدان الأمان و انتهاء بأبسط متطلبات الحياة الإنسانية ، ففي درعا مهد الثورة السورية وأول مدينة عايشت قطع ابسط متطلبات الحياة عنها، تحايل الأهالي على قطع الكهرباء باستخدام مقابس الهواتف الأرضية في شحن هواتفهم المحمولة كما حدثنا الناشط الإعلامي محمد العساكرة، مشيراً إلى قيام النسوة بصناعة مادة الخبز حين نفاذ المادة كما تم اللجوء لمادة الشعير عوضاً عن الطحين المفقود.

أما في مضايا التي يقطنها اليوم ما يقارب الأربعين الف مدني قامت النساء بحياكة البطانيات التي أدخلتها الأمم المتحدة و حولتها لمعاطف وجوارب لدرء البرد، كما أفادنا به الأستاذ سمير علي عضو المجلس المحلي في بلدة مضايا، كذلك لفت إلى تدوير البلاستيك للحصول على التدفئة لكن حتى البلاستيك فُقِدَ في البلدة بسبب الحصار الخانق المفروض من قبل قوات النظام ومليشيات حزب الله.

أما أهالي حمص القديمة عاشوا حصارا خانقا دام لمدة عامين و ابدعوا في اختراع بدائل للقمة عيشهم مما هو متاح، وأوضح لردايو الكل أحد نشطائها الذين عايشوا تلك الفترة الزمنية، إلى لجوء الناس لطحن المعكرونة والحصول على الخبز والحلويات، كذلك طحن المعكرونة ووضعها بالمياه وإضافة إليها بعض الحمض لإنتاج شيء يشابه اللبن.

أما في حي الوعر المحاصر اليوم حصارا جزئيا تغلب الأهالي على نقص المواد الغذائية عندما أطبق الحصار عليهم بشكل كامل فقاموا بطحن مادة المعكرونة واستخدموا مسحوقها كطحين في صناعة الحلويات والمعجنات، إلى جانب طحن المعكرونة مع بعض التوابل والرز للحصول على زعتر منزلي، حسبما أورده الناطق الرسمي باسم مركز حمص الإعلامي محمد الحمصي.

وبالانتقال للحديث عن ريف حمص الشمالي الذي يقطنه اليوم ما يقارب ال300 ألف نسمة، يشير مراسل راديو الكل هناك محمود سليمان، إلى لجوء الأهالي في ظل انقطاع مواد البناء وضعف امكانياتهم المادية إلى بناء بيوت طينية دافئة في الشتاء وباردة في الصيف، وأضاف إلى الإستفادة من الروث الحيوانات للحصول على النار، كذلك اللجوء إلى البطاريات الصغيرة الحجم لتشغيل “لدات” لإنارة المنزل، موضحاً إلى قيام بعض الناس بصناعة مولدات كهربائية عن طريق المحركات الصغيرة.

شمالاً في إدلب التي احتضنت عددا كبيرا من النازحين من الريف الحموي و تقدر أعدادهم بالالاف مما سبب عجزا كبيرا في قدرة الجهات العاملة في المدينة على تلبية حاجات الأهالي بالسرعة المطلوبة وأولها السكن، وفي هذا المحور أشار مراسل راديو الكل في حماه أحمد المحمد إلى لجوء  نازحو كفرنبودة إلى جمع الحجارة وتثبتها على شكل جدار صغير وتغطيتها بأكياس النايلون في منطقة جبل الزاوية، بحيث يكون طول مكان الإيواء بطول 3 أمتار وبإرتفاع لا يزيد عن متر والنصف.

وفي غوطة دمشق الشرقية التي يقطنها اليوم ما يقارب ال 450 ألف شخص فكانت من المناطق السباقة في تحدي ظروف الحصار، حيث أفاد الناشط الإعلامي منصور أبو الخير بتحويل الأهالي المواد البلاستيكية لمواد تدفئة، إذ تم تصنيع بنزين بلاستيك ومازوت بلاستيك بنفس فعالية المواد الحقيقية وبأسعار أرخص، منوهاً أيضاً اعتماد الأهالي في الغوطة الشرقية على الزراعة لتأمين المواد المواد الغذئية، واللجوء للشعير في صناعة الخبز.

من جانبه لفت محمود آدم الناطق الرسمي باسم الدفاع المدني في ريف دمشق، إلى ابتكار أهالي الغوطة الشرقية في بداية الحصار مضخ يدوي “الكبّاس” لإستخراج المياه الجوفية حيث انتشر المضخ بشكل واسع في جميع بلدات وأسواق الغوطة لتأمين المياه التي عمِد النظام على قطعها.

وأشار “آدم” لراديو الكل، إلى إنه وبسبب انقطاع الإتصالات وغياب الشبكة لجأ الاهالي إلى اختراع “لواقط تغطية” حيث يتكون من عصا خشبية يوضع عليها وعاء معدني للطبخ مثقوب بالوسط ومحاط بشريط كهربائي وتوجه نحو أحد أبراج التغطية القريبة في دمشق، ومن ثم يسحب الشريط الكهربائي لداخل المنزل ويثبت على قطعة خشبية ويوزع الشبكة اللازمة.

ولفت أيضاً إلى ابتكار وسيلة لإستخراج الغاز عن طريق روث الحيوانات، بحيث يتم حفر حفرة بعمق 3 أو 4 أمتار مقسمة على طبقات معزولة بأكياس وبداخلها الروث ويتم وصل الطبقات بأنبوب ليتم استخراج الغاز بعد ضغط مادة الروث، بحيث يتم تعبئة الغاز المستخرج بأسطوانات غاز صغيرة أو وصل أنبوب الغاز مباشرة إلى محولات كهرباء صغيرة، ويضاف إلى كل ما سبق الإستفادة من ألواح الطاقة الشمسية للحصول على الكهرباء.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى