الدب الروسي يغزو سوريا ثقافياً والأسد يرحب
نظام الاسد هو أول من استدعى التدخل الخارجي منذ الأيام الأولى للثورة بدءا بميليشيات حزب الله ومرورا بالحرس الثوري الإيراني و انتهاء بالدب الروسي، الذي بدأ أولى طلعاته الجوية في نهاية شهر أيلول من عام 2015 بحجة قتال الإرهابيين و الذين بنظره هم الأطفال و النساء و المستضعفين في الأرض و كل هذا بترحيب حامي المقاومة و الممانعة الذي لم يكتف بجعل سوريا ساحة للصراعات بل و اتخذ سياسة الباب المفتوح لاي قوة تساند صمود كرسيه بغض النظر عن مستقبل سوريا.
وبما أن الدب الروسي أقوى أطراف المعادلة بالنسبة له فقد عمل على تعزيز وجوده في سوريا ـ فلم يتوقف الاحتلال الروسي لسوريا عند الشق العسكري و انما تعداه للشق السياسي و الذي يمكن ملاحظته من خلال متابعة المحطات الروسية الناطقة بالعربية التي تتحدث عن سوريا و كأنها مدينة روسية ـ و لكن كل ذلك لم يكن كاف للدب الروسي الذي أراد أن يتغلغل في بنية المجتمع السوري ،و بما أن اللغة تعتبر الحاجز الأول في اختراق أي مجتمع ـ فقد بدأ الاحتلال الروسي بإدخال لغته في مناهج التعليم السورية بأيدي حليفه الأسد بتهليل من اعلامه حين أصدار القرار مع بدء العام الدراسي الحالي و سيتم ادخال اللغة الروسية للصف السابع بشكل تجريبي و سيتم اعتمادها لغة ثانية في الصف الثامن ثم ستعلم للصف التاسع و هكذا حتى تدرج اللغة الروسية في مناهج الثانوية العامة ـ و لم تنتهي الحكاية عند هذا الحد فقد أصدر نظام الأسد قرار منذ عدة أيام لادراج اللغة الروسية في المعاهد السياحية والمدارس الفندقية ومراكز التدريب الفندقية ضمن الخطط الدراسية في سوريا.
وفي هذا المحور ميّز الباحث والكاتب “هشام منور”، بين الإحتلال العسكري المباشر والإحتلال الثقافي، بحيث يقوم الأول على الممارسات القمعية بنشر الجنود والقوات كما يفعل الأسد حالياً بعد استقدامه القوات الروسية ومنحها حق الإنتشار في البلد وضمان لها عدم التعرض للمحاسبة على الجرائم التي ترتكبها.
فيما يعود الإحتلال الثاني “الثقافي أو الإعلامي” –وفقاً للمنور- إلى زمن حزب البعث عندما استلم زمام أمور البلد في سوريا عام 1963، حيث حرص الحزب على ربط سوريا عسكرياً واقتصادياً وثقافياً بمنظومة الإتحاد السوفيتي السابق، إذ كانت جميع البعثات العلمية والمنشورات الثقافية يتم جلبها من موسكو، وبات هناك جالية من الطلبة والعسكريين الذين تدربوا في جامعة الإتحاد السوفيتي وعادوا إلى سوريا بالعقلية الروسية التي تتناسب مع حزب البعث.
ولفت الباحث إلى قيام الأسد حالياً بإعادة اللغة الروسية بشكل كبير إلى المدارس السورية، وفرض دراستها في المعاهد السياحية والفندقية، مؤكداً أن ما يجري في هذا المحور عبارة عن عملية غسيل أدمغة يقوم بها الأسد على جبل المتعلمين من خلال ربطهم فكرياً وثقافياً بروسيا، لكي ينشأ جيل فيما بعد يضمن مصلحة روسيا في سوريا خاصةً وفي المنطقة عامةً.
وبيّن “المنور” على اختلاف الثقافة الروسية عن نظيرتها الشرقية على الرغم من ادعاءات الأولى بالتقارب، موضحاً أن الأسد يعمل على تغير العادات والتقاليد بما يتماشى من الثقافة الروسية من خلال غسيل الأدمغة والثقافة وبنية المجتمع السوري واتباعه للروس، لافتاً إلى أن الغزو الثقافي آثاره بعيدة المدى على عكس الغزو العسكري.