1200 معوّق في مدينة الرستن يصارعون من أجل البقاء وسط القصف والحصار

قد يكون الموت في سوريا أصبح أمراً محصَّلاً ليس إلا، ولكن الكارثة في الحياة وفي الأحياء المصابين، الذين بقوا وقد فقدوا أطرافهم أو أياً منها، فأصبحوا معوقين يشكلون عبئاً حقيقياً على ذويهم، في ظل سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وغياب الدعم النفسي والمادي، وعدم التفات أي من الجهات الإعلامية أو المبادرات الدولية لقضيتهم.

1200 حالة إعاقة دائمة بين أهالي مدينة الرستن في ريف حمص الشمالي، هذا ما أكده مكتب ذوي الاحتياجات الخاصة في المدينة، تتنوع تلك الإعاقات ما بين البتر والحروق وتشوهات الجسم الخطيرة والشلل، وبعض الإصابات الدماغية والعينية الأخرى.

أكثر تلك الإصابات شيوعاً هو بتر الأطراف الناجمة عن الصواريخ والقذائف والألغام الأرضية، أو مخلفات القنابل العنقودية التي أكثر ما تهدّد الأطفال الذين يعبثون ببقاياها، وفي حالات أخرى يكون البتر نتيجة تهتّك في الأوعية الدموية ونزف لا يمكن إيقافه، إلى جانب بعض الإصابات التي تهمل من الناحية الطبية بسبب نقص الإمكانيات والخبرات في المشافي الميدانية المتواضعة، مما يؤدي إلى تفاقمها وتطورها إلى البتر.

يزداد المشهد قتامة أمام الاحتياجات المتزايدة لهؤلاء المعوقين وخاصة في مدينة محاصرة كما الرستن، حيث يصبح تأمين الفرشات الهوائية والكراسي المدولبة والأدوية اللازمة لهم مهمة شبه مستحيلة، تضاف إلى الغذاء الركن الأساسي في صحة المعاق، حسب ما تحدث الناشط الإعلامي “باسل عزالدين”، وأشار أيضاً لراديو الكل إلى حاجة المعاقين إلى برامج الدعم النفسي.

عجز مكتب ذوي الاحتياجات الخاصة عن تقديم الدعم لجميع الإعاقات المسجلة لديه؛ اضطره لإلغاء الإصابات الأقل حرجاً، كالصمم مثلاً بسبب قلة الدعم، فيما يحرص كادر المكتب على متابعة جميع الحالات عن قريب وتنفيذ زيارات دورية لأصحابها.

التحدي الأكبر هو تركيب أطراف صناعية في مدينة الرستن البعيدة جغرافياً عن أي من المنافذ الحدودية، ما يعني صعوبة نقل أي حالة من اجل العلاج، وهو ما يجعل الخيار الأفضل تركيب بعض الأطراف ضمن المشفى الميداني داخل المدينة، والتي يتهم تهريبها بشق الأنفس ولقاء مبالغ مادية طائلة.

وأشار “عز الدين” إلى أن نسبة 4% فقط، من إجمالي حالات الإعاقة تم تركيب أطراف صناعية لها في الرستن، فيما سافر عدد من الحالات إلى تركيا لتركيب الأعضاء.

نداءات استغاثة عديدة وجهها مكتب ذوي الاحتياجات الخاصة في مدينة الرستن لدعم مكتبه وتوفير الدعم المناسب لسير علاج المعوقين، في ظل شح الدعم المقدم من بعض الجهات والمنظمات الإنسانية المعنية، في وقت كانت “لجنة الوفاء التركية للإغاثة” الأكثر التزاماً بدعم هؤلاء المعوقين، إذ تكفلت بتقديم الدعم اللازم لهم بشكل شهري منذ أكثر من سنتيت، فيما تقوم بعض المنظمات بتقديم مساعدات كل 3 أو 4 أشهر.

ولفت “عز الدين” إلى توجيه مكتب ذوي الإحتياجات الخاصة بالرستن عدة مناشدات للمنظمات الإنسانية لتقديم الدعم بكافة أشكاله، بسبب حاجة المعاقين للرعاية الطبية بشكل دوري من مختلف المساعدات.

إذاً الصورة ليست جميلة أبداً أمام مشهد الخراب والدمار في مدينة الرستن، والذي خلف وراءه العديد من دمارات البشر المتمثلة بأعداد المعوقين، وهو ما يستدعي تدخل جميع الجهات الإنسانية المعنية من أجل تحمل مسؤوليتها تجاههم، عبر خطوات فورية ومتلاحقة تنقذ ما يمكن إنقاذه.

زر الذهاب إلى الأعلى