سيطرة النظام على تدمر.. دلالات توقيتها وانعكاساتها على الوضع العسكري

يفصل بينهما 10 أشهر، ويتشابهان بسرعة السيطرة على المدينة، في أيار من العام الماضي تمكن تنظيم داعش وبسرعة كبيرة التقدم نحو مدينة تدمر الأثرية والمدينة السكنية ليسيطر عليها خلال أيام، وحينها اسر التنظيم وقتل المئات من عناصر قوات النظام، والذين لطالما تركهم النظام يلاقون المصير ذاته، كما حدث في مطار الطبقة العسكري وغيرها من القطع العسكرية الأخرى بعد أن يلوذ الضباط الكبار بالفرار.

 

تعود قوات النظام اليوم وتعلن استعادة السيطرة على مدينة تدمر ومطارها في ريف حمص الشرقي، بعد عملية عسكرية روجها الإعلام الموالي له على أنها كبيرة ومهمة وبمساندة روسية عبر غطاء جوي مكثف، وعلى الأرض من ميليشيات مختلفة من بينهم حزب الله، وإثر تقدمها خلال الأيام الماضية وسيطرتها على قلعة تدمر والمدينة الأثرية التي تعد إحدى أقدم المدن في العالم، وأدرجتها منظمة اليونسكو ضمن لائحة التراث العالمي.

 

تلفزيون النظام الرسمي قال إن قوات النظام تمشط مدينة تدمر بالكامل بحثاً عن الألغام والعبوات الناسفة، بعدما انسحب المسلحون باتجاه السخنة والرقة ودير الزور حيث توجد معاقلهم في شمال وشرق البلاد، كما بث التلفزيون صورا تظهر دماراً كبيرا لحق بالقلعة الأثرية غربي تدمر.

 

ورغم عدم وجود مصدر محايد ومستقل للأخبار نظراً لان المنطقة كانت خاضعة للتنظيم ويفرض عليها تعتيم إعلامي وكبير، وكذلك النظام يبالغ كثيراً عبر وسائله الإعلامية إلا أن مصادر ذكرت أن تنظيم داعش وكذلك النظام خسرا المئات من عناصرهما خلال هذه المعركة، كما أعلن عن مقتل عنصر من حزب الله، وهذا ما يدفع إلى التساؤل حول الأهمية الحالة التي دعت قوات النظام لشن هذه الحملة الكبيرة لاستعادة المدينة، ولم يقم بها سابقاً منذ بدء التدخل العسكري الروسي في سوريا في آواخر أيلول الماضي ، والذي ساهم بتقدمه على حساب مناطق سيطرة المعارضة السورية وخاصة في حلب.

 

ويرى مراقبون، أن توقيت هذه المعركة يأتي بالتزامن مع هدنة وقف الأعمال العدائية التي أبرمها مع المعارضة السورية التي سبقت الجولة الأخيرة من مفاوضات جنيف، حيث أن الهدنة هذه لم تشمل” تنظيم داعش وكذلك جبهة النصرة، كما أن سيطرة النظام على هذه المدينة التي تتوسط سوريا وباديته يفتح الطريق أمام قوات النظام باتجاه التقدم شرقاً سواء باتجاه مدينة الرقة، ومحافظة دير الزور، وهذا ما قد يفتح السؤال مجدداً حول جدية هذه المعارك التي يتبادل فيها النظام والتنظيم السيطرة، وهذا ما حصل عندما تقدم تنظيم داعش مؤخراً وسيطر على طريق خناصر الاستراتيجي بريف حلب الجنوبي، ليعود النظام ويستعيد السيطرة عليه بعد أيام.

 

وفي هذا الصدد قال العقيد “فايز الأسمر”  المحلل العسكري والإستراتيجي، أن هدنة وقف الأعمال العدائية التي رتبتها روسيا مع أميركا، ما كانت إلا لتهدئة جبهات قتال النظام مع الثوار وتخفيف الضغط عنها، ليحشد النظام جميع قواته والمليشيات المساندة له بما فيهم حزب الله نحو مدينة تدمر.

ولفت “الأسمر” في حوار مع راديو الكل، إلى تصريح الروس منذ أسبوعين بأن الوقت والظروف باتت مناسبة لإستعادة السيطرة على مدينة تدمر من تنظيم داعش.

وأوضح العقيد أن أهمية معركة تدمر تأتي كونها فتحت الطريق من البادية باتجاه مدينة الرقة معقل التنظيم، إضافة إلى محور آخر للنظام من مطار كويرس ومسكنة ودير حافر بحلب نحو الرقة أيضاً، بالتعاون مع حزب “البي يي دي” المتواجد في تل أبيض، مؤكداً على تزامن فتح معركة الرقة مع معركة الموصل بالعراق التي أعلن عنها منذ يومين.

وبيّن “الأسمر” على أهمية تدمر حيث تعد عقدة مواصلات تصل شمال سوريا بجنوبها وشرقها بغربها وصولاً إلى الحدود العراقية، إضافة إلى أهميتها الإستراتيجة والإقتصادية للنظام كونها تحوي على حقول النفط والغاز في جحار وشاعر.

 

وأشار في مستهل حديثه إلى بحث النظام وروسيا على نصر سياسي، يمكّن النظام من امتلاك أوراق إضافية في المفاوضات، وإظهار نفسه بأنه وحده يحارب تنظيم داعش.

 

وأضاف العقيد بانه لا يمكن القول بأن هناك تسليم بين داعش والنظام، لأن داعش عندما سيطر على المدينة العام الماضي كان النظام متهالك، في حين قام الأخير بالمناورة اللازمة وُقتل في صفوفه عدة عناصر لإستعادة السيطرة على تدمر اليوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى