هل ستؤثر التطورات العسكرية الأخيرة على مفاوضات جنيف؟
تمكن الثوار خلال اليومين الماضيين من تعديل موازيين السيطرة في ريف حلب الجنوبي، بعد أن حولوا التصدي لمحاولة تقدم قوات النظام باتجاه اتستراد (حلب – دمشق) الدولي في محيط بلدة الزربة، إلى هجوم معاكس تمكنوا من خلالها السيطرة أمس السبت على بلدة العيس وتلتها الاستراتجية ونحو خمسة عشر نقطة من بينها قرى مجاورة للعيس، وقتلوا خلال هذه الاشتباكات عدد كبير من عناصر قوات النظام والميليشيات المساندة لها إضافة إلى اغتنامهم أسلحة وذخائرة كثيرة.
التقدم هذا جاء بعد ثبات في خريطة السيطرة على هذه الجبهة منذ أشهر، حيث تمكنت قوات النظام والميليشيات المساندة لها من لبنانية وعراقية وايرانية مدعومة بغطاء جوي روسي مكثف في آواخر شهر تشرين الأول من العام الماضي، من شن حملة عسكرية كبيرة تمكنت خلال أسبوعين من السيطرة على جزء كبير من ريف حلب الجنوبي ولا سيما بلدتي الحاضر والعيس وتلتها الاستراتجية التي تطل على أغلب مناطق الريف الجنوبي وعلى الاتستراد الدولي.
كما أن التقدم في ريف حلب الجنوبي بالأمس انعكس على جبهات أخرى ، حيث تمكن الثوار أيضاُ من التقدم أمس في جبل الأكراد بريف اللاذقية واستعادة السيطرة على قرية عين القنطرة وتلة المقنص وبلدة نحشبا الواقعة في محيط بلدة كنسبا ،وذلك ضمن معركة أطلقوا عليها اسم “الكرارون”، كما أعلن الثوار عن تمكنهم من قتل عشرات العناصر من قوات النظام واسر آخرين، من بينهم ضباط، واغتنام عربتي بي ام بي وتدمير دبابة ومدفع خلال هذه المعارك.
التطورات العسكرية هذه تأتي بعد مرور أكثر من شهر على الهدنة التي أعلنتها الولايات المتحدة وروسيا في سوريا بين المعارضة والنظام، وكأول رد فعلي على خروقات قوات النظام النظام وروسيا في مختلف المناطق، بحسب ما ذكرته مصادر في المعارضة، وخاصة بعد المجزرة التي ارتكبها طيران النظام في بلدة دير العصافير، وفي ظل تقدم قوات النظام في الغوطة الشرقية بريف دمشق، كما جاءت هذه التطورات عقب تقدم قوات النظام في ريف حمص الشرقي وسيطرته على مدينة تدمر بعد انسحاب تنظيم داعش منها ومحاولته التقدم باتجاه مدينة القريتين.
إلا أنه وعلى الرغم من أن التطورات الأخيرة تشير إلى ميل الكفة لصالح الثوار، أبدى معارضون تخوفهم من أن يستخدم النظام هذا التقدم كسلاح ضد الثوار، كون وسائل إعلامه اعتبرته خرقاً للهدنة، رغم أنه جاء في رد على محاولة قوات النظام التقدم في ريف حلب الجنوبي، وفي ظل غموض الاتفاق الأمريكي – الروسي حول الحل السياسي في سوريا وطريقة تطبيقه، حيث حذرت الهيئة العليا للمفاوضات من أن تجهض خروقات النظام المتكررة الهدنة وبالتالي يقود ذلك إلى افشال مفاوضات جنيف.
في حين رأى آخرون أن ذلك من الممكن ان يشكل ذريعة لروسيا لتعاود شن غاراتها على مناطق سيطرة المعارضة، بعد ملاحظة عدم تدخلها أثناء تقدم الثوار في ريف حلب الجنوبي وهذا ما أظهر هشاشة قوات النظام التي انسحبت سريعاً من هذه المناطق تحت ضربات الثوار، في وقت كان يشن فيه الطيران الروسي غارات على مناطق سيطرة تنظيم داعش في ريف حمص الشرقي.
وفي هذا المحور قال العميد “علي علاو” الخبير العسكري والاستراتيجي، أن المعارك في الجبهات كر وفر، والنظام والروس استثمرا هذه المعارك سياسياً، كذلك فإنهما لم يلتزما بمعايير الهدنة وقاموا بخرقها واستفادوا منها في تعزيز مواقع النظام.
واعتبر “علاو” في تصريحات لراديو الكل، أن تقدم الثوار الأخير في ريفي حلب واللاذقية سيكون له انعكاسات إيجابية في جميع الجبهات وتعزيز الروح المعنوية، مؤكداً أن النظام لولا التدخل الروسي لم يصمد نهائياً، فروسيا تدخلت حين شعرت أن النظام على مشارف الإنهيار.
وأوضح أن النظام لا يعترف بالهدنة أو بنتائج عقوباتها على المستوى الدولي، لأنه يعول على روسيا التي تدافع عنه أمام المجتمع الدولي كونها عضو في مجلس الأمن وتمتلك حق الفيتو.
وأضاف العميد بأنه لا يمكن للنظام أن يتذرع بتقدم الثوار الأخير لإفشال الهدنة، منوهاً إلى التنسيق الأمريكي الروسي بخصوص دراسة الخروقات التي ستكون على مستوى أممي وليس بقرار من النظام.
ولفت “علاو” إلى أن النظام يحاول إفشال مفاوضات السلام في سوريا حيث شعر بنوع من الضغط من الجانب الروسي الذي طالبه بتقديم المرونة في جولة جنيف القادمة، منوهاً أن هذا الضغط ليس بالمستوى المطلوب القادر على إلزام النظام بمقررات جنيف 1 بتشكيل هيئة الحكم الإنتقالي كاملة الصلاحيات.
وأكد العميد في ختام حديثه أن تقدم الثوار يعزز موقف الهيئة العليا للمفاوضات في جنيف.