69 عاماً من حكم حزب البعث في سوريا.. تدهور وخراب مستمر

“طلائع.. بعث.. قائدنا إلى الأبد.. الأمين حافظ الأسد”، عبارات اعتادت أجيال في سوريا أن تبدأ بها يومها الدراسي، إذ كان لابد من ترديدها هي وشعارات الحزب البالية وغيرها من التسميات التي يختصر فيها حب الوطن بحب القائد الخالد والدفاع عنه، والتي لا يلبث الطفل أن يسلم بها وينشدها بشكل ببغائي في خطوة أولى من عملية تدجينه وتحويله إلى جزء من قطيع الأسد.

 

هكذا كان المشهد في مدارس البعث العسكرية، حيث كان الأسد يتابع لعبته السياسة في تأسيس وتعزيز نظامه القمعي، عبر غرس أفكاره في عقول الأطفال والشباب، يداً بيد مع منظماته التي أسسها لأجل ذلك، بدءاً من منظمة طلائع البعث، مروراً باتحاد المعلمين والاتحاد الوطني لشبيبة الثورة.

 

داخل الصفوف تكمل عملية غسل الأدمغة الصغيرة، بلوحات مكتوبة بخط منمق وألوان زاهية تمجد بطل تشرين ومحطم أسطورة التفوق الإسرائيلي، القائد الاستثنائي.. صاحب صفات البطولة والشجاعة والتضحية، والذي كاد يدنو بخصاله وقيمه إلى الألوهية!.

 

المناسبات الوطنية والقومية وما أكثرها؛ كانت فرصة كذلك لاستعراض أمجاد وإنجازات القائد عبر المهرجانات والمسيرات التي كانت رائجة طويلاً في عهد الأسد الأب، حيث كان يرغم الطلاب والمدرسون على حضور تلك الفعاليات والإنصات لخطب جوفاء تجتر فيها صفات الديكتاتور برتابة مثيرة للاشمئزاز، فيما لا يملك موظفو المؤسسات الحكومية سوى المشاركة، إذ يتعرض من يرفض منهم للمحاسبة والمساءلة وقد تصل الأمور أحياناً إلى حرمانه من راتبه أو فصله من العمل.

 

أما دروس الطلائع فتلك حكاية أخرى، إذ كان يعاني الطلاب من حصص إضافية تضاف إلى ساعات التعليم بهدف تلقين طلائع البعث كما اصطلح على تسميتهم أفكار التبعية والعبودية والتقديس للشخص الواحد والحزب الواحد الذي لا يفنى ولا يقهر!

 

إذاً وبينما تحتفل الطغمة الحاكمة بالذكرى التاسعة والستين لتأسيس حزب البعث؛ يستذكر كل مواطن سوري صورته بزي الطلائع وهو يهتف ويحتفي  بالأب القائد.. يستذكر كيف كان يرغم على حفظ وترديد كلمات نشيد “ميلاد الحزب العملاق”.. يأسف على طفولته المسلوبة لصالح السيدارة والفولار.. وعلى الأفكار التي اغتيلت والعقول التي تم تخديرها عبر عقود تحت قبعة البعث.. وثمة من لا يزال يسأل لماذا كانت الثورة؟!

 

كما كان التعليم في سوريا ولا زال في انحدار وهبوط في ظل حكم حزب البعث؛ كذلك هو حال الحركة الاقتصادية، والتي شهدت تدهوراً وتراجعاً تسبب بإضعاف الدخل الفردي والقومي.

 

وفي هذا السياق أشار رئيس مجموعة عمل اقتصاد سوريا “أسامة القاضي”، إلى انخفاض مساهمة قطاع الزراعة في الناتج القومي بسوريا قبل الثورة من 26% إلى 16% على الرغم من أن سوريا دولة زراعية بالمقام الأول، وعزا “القاضي” ذلك إلى خطط النظام الخمسية الفاشلة إلى جانب الفساد الإداري.

 

ولفت في السياق إلى تصنيف سوريا في عام 2011 من أسوء 30 بلدة بالعالم في الفساد الإداري والبعد عن الشفافية، حيث احتلت المركز 147 من أصل 175.

 

وأضاف أن خطط النظام الخمسية العشرة التي نفذها خلال أكثر من 40 سنة، كان متوسط دخل الفرد فيها 14 ألف ليرة سورية لا تكفي سوى نصف الشهر، كما صُنف نصف الشعب السوري تحت خط الفقر قبل اندلاع الثورة، كذلك فقد سجل في عام 2004 حوالي مليون سوري عاطل عن العمل بنسبة 20%.

 

وأوضح “القاضي” في ختام حديثه على احتلال سوريا في عام 2011 مركز 47 كأفشل 50 دولة في العالم، مؤكداً أن النظام دمر الإقتصادي السوري كله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى