الحصار والمعارك يخنقان أهالي مخيم اليرموك جنوب دمشق

“لم أشعر يوماً بأني غريب في سوريا.. كنت دوماً أشعر بأنني دمشقي.. ولم يعكر انتمائي للمخيم هويتي الثنائية.. كما لم يقف المخيم عائقاً أمام شعوري بسوريتي”، عبارة كثيراً ما يرددها بأسى سكان مخيم اليرموك، الذين عاشوا فيه أكثر من سنين حياتهم التي قضوها في وطنهم الأم فلسطين، ولكن يبدو أن مصير الفلسطيني دوماً هو التبعثر في مخيمات الشتات، مع مزيد من قصص الموت والجوع التي بدأها معهم نظام الأسد قبل أربع سنوات، وتكملها اليوم أطراف أخرى في مقدمتها تنظيم داعش وجبهة النصرة اللذان يحاولان السيطرة على المخيم، الأمر الذي تسبب بفقدان أبرز مقومات الحياة الأساسية جراء الاشتباكات الدائرة.

 

مخيم اليرموك الواقع جنوب العاصمة دمشق؛ يعاني سكانه من استمرار الحصار الذي يفرضه النظام على المداخل منذ منتصف عام ألفين وأربعة عشر، ليزداد الوضع سوءاً مع تعرضه لمحاولات محمومة من قبل داعش وجبهة النصرة للسيطرة وبسط النفوذ عليه، وما يرافق هذا الصراع من أعمال قصف وقنص وانتهاكات.

 

“مجموعة العمل من أجل فلسطيني سوريا” حذرت من كارثة إنسانية تتهدد المخيم، ودعت في بيان لها الأربعاء الماضي إلى التدخل السريع والفوري من كل الأطراف لوقف الأعمال القتالية وتحييد المدنيين الذين يقدر عددهم بحوالي خمسة آلاف فلسطيني، وإجلائهم إلى مناطق أكثر أمناً داخل المخيم، كما طالبت بفك الحصار والسماح بدخول المساعدات والطواقم الطبية والإنسانية.

 

يعد مخيم اليرموك أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في سوريا، أنشئ عام 1957 على مساحة تقدر بنحو اثنين كيلو متر مربع، كان في بداية الثورة السورية ملاذاً لكثير من أهالي مناطق الريف الدمشقي التي تعرضت للقصف، إذ كان آنذاك هادئاً وبعيداً نسبياً عن التوترات.

 

في منتصف شهر كانون الأول من العام 2012 بدأ النظام حملة عسكرية على المخيم حيث قام الطيران بقصف مدرسة الكرمل في شارع المدارس وقصف جامع عبد القادر الحسيني في شارع عز الدين القسام والذي كان يؤوي الكثير من النازحين من الأحياء المجاورة وسقط العديد من الأشخاص بين قتيل وجريح، لتحاصر قوات النظام المخيم بشكل تام في حزيران ألفين وثلاثة عشر، ما ادى إلى وفاة العشرات جوعاً.

 

وأشار “حاتم الدمشقي” مدير مكتب وكالة قاسيون في جنوب دمشق، إلى وجود حوالي 10 آلاف مدني محاصر في حي مخيم اليرموك، وألفين آخرين في حي التضامن المجاور، منوهاً إلى عدم تمكن المدنيين المحاصرين من الخروج من الحيين، بسبب الإشتباكات العنيفة الدائرة بين جبهة النصرة وتنظيم داعش جنوب العاصمة دمشق تحديداً في شارع العروبة والجاعونة وشارع 15.

 

وأضاف إلى أنه معبر العروبة منفذ مخيم اليرموك الوحيد نحو بلدة يلدا أغلق في الأيام الأولى من الإشتباكات، فيما تم فتحه خلال الـ 3 أيام الماضية، وسط تخوف الناس من العبور خلاله بسبب أعمال القنص، ولفت إلى أن الأهالي كانوا يعتمدون في السابق على اقتناء حاجياتهم من المواد الأساسية من يلدا المهادنة للنظام حيث تتصف بانخفاض أسعارها.

 

وأوضح “الدمشقي” في حوار لراديو الكل، إلى أن مخيم اليرموك والتضامن عانوا الأمرين، حيث يواصل النظام قطع المياه عنهما منذ 3 سنوات، ما دفع الأهالي لشراء المياه من الصهاريج، حتى تلك الوسيلة توقفت حالياً بسبب عدم قدرة الصهاريج من دخول الحيين إثر أعمال القنص والإشتباكات.

 

وأكد على عدم تمكن دخول المنظمات والمؤسسات الإغاثية مؤخراً إلى مخيم اليرموك بإستثناء قيام جهة مدنية بإدخال دفعة من الخبز منذ يومين عبر معبر العروبة، وسط محاولات بعض المؤسسات والنشاط إدخال كمية قليلة من المواد الأساسية.

 

وبيّن “الدمشقي” على إغلاق معبر القدم بسبب سيطرة تنظيم داعش على حي الحجر الأسود المجاور، حيث يمنع عناصر التنظيم دخول أي مواد غذائية إلى مخيم اليرموك، وأشار أيضاً إلى قيام التنظيم بإحراق عدد من منازل المدنيين في الحي كما أن النظام يقوم بإستهدافه بالقذائف والصواريخ، ما دفع الناشطون لإطلاق هاشتاغ “مخيم اليرموك يحترق”.

 

ونوّه في ختام حديثه إلى افتقار مشفيي الباسل وفلسطين في مخيم اليرموك إلى المضادات الحيوية والإبر، كما أن الطرق الواصلة نحوهما تشهد أعمال قصف وقنص واشتباكات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى