تفعيل اتفاقية تسحب الأغذية من أفواه السوريين نحو إيران

راديو الكل – خاص

في كل عام ومنذ العام 2012 نسمع عن بدء دخول اتفاقية التجارة الحرة بين سورية وإيران قيد التنفيذ، لكن شيئاً من هذا لا يحدث، وآخر خبر من هذا النوع كان قبل يومان، وذلك حينما عاد اتحاد المصدرين السوري التابع لحكومة النظام للحديث مجدداً عن بدء تفعيل اتفاقية التجارة الحرة مع إيران، بعد موافقة الحكومة الإيرانية عليها واعتمادها من قبل الجمارك الإيرانية، بعد أن كانت مطبّقة فقط على البضائع الإيرانية الداخلة إلى سورية لمدة تزيد عن أربعة أعوام.

وفي هذا الصدد قال المحلل الاقتصادي “سمير الطويل”، أن اتفاق التبادل التجاري بين النظام وإيران يعود إلى عام 2012 عندما تم فرض عقوبات دولية وأوربية وعربية على تحركات أموال نظام الأسد وتبادله التجاري، فكان البديل إيران.

وأضاف “الطويل” في حوار مع راديو الكل، أن البديل الإيراني لم يخدم حاجة المواطن السوري في الداخل خلال الـ 4 سنوات الماضية، ولم يساهم في تخفيف العقوبات، لافتاً إلى أن لإيران مطامع عسكرية واقتصادية في سوريا فهي تعمل على تملك الأراضي والعقارات، منوها إلى إدخال أيران أطعمة وأدوية فاسدة إلى سوريا.

وتتضمن الاتفاقية تخفيض الجمارك للبضائع السورية الداخلة إلى إيران لـ4%، وبناءً عليه فإن البضائع الإيرانية بموجب الاتفاق ستبقى المستفيد الأول من الاتفاقية كون نوعية البضائع الإيرانية التي يمكن للتجار السوريين استيرادها هي مواد ثقيلة كالسيارات والآلات وهذا النوع من المستوردات استغنى عنه السوريون منذ بداية الحرب، كما إن استيراده بالأصل ممنوع بموجب مبدأ ترشيد الاستيراد الذي تتبعه حكومة النظام، أضف إلى ذلك فإن الكثير من المناطق السورية تخضع لحصار وهي محرومة من المواد الغذائية التي يصدرها النظام لإيران.

ويرى الطويل أن الحكم على تأثير توريد البضائع لإيران مرهون بمعرفة نوعية هذه البضائع الاصلية، وهذا مالم يتم الإعلان عنه حتى الآن، مشيراً إلى انخفاض عدد المعامل النسيجية في سوريا بنسبة 80%، وانخفاض مساحة الأراضي الزراعية، وتراجع تربية المواشي.

وذكر المحلل الإقتصادي بإقامة اتحاد المصدرين أكثر من معرض في إيران لعرض المنتوجات السورية في أوقاتٍ سابقة، إلا أن هذه المعارض خجولة، مؤكداً على صعوبة التبادل التجاري بين النظام وإيران حالياً بسبب ارتفاع وتيرة الأعمال العسكرية عند المعابر البرية، فيما تكون عملية التبادل عن طريق البحر أو الطيران مكلفة للغاية، مضيفاً أن الحديث عن التبادل مع إيران مجرد تصريحات إعلامية الهدف منها إظهار الوضع الإقتصادي للنظام على أنه جيد وقادر على توقيع الإتفاقيات.

وما يزيد حجم التآمر على الشعب السوري هو أن ميليشيات حزب الله الموالية لإيران والتي ستستورد البضائع السورية هي من يمارس الحصار المعيشي على عدة مناطق في ريف دمشق وعلى رأسها الزبداني،  حيث تعتبر هذه المنطقة في غاية الاهمية للأسد وإيران لأنها استخدمت كقاعدة للحرس الإيراني لمساعدة حزب الله.

ويقلل المحلل الاقتصادي سمير الطويل من شأن دخول هذا الاتفاق حيز التنفيذ ويرى بأنه مجرد بهرجة إعلامية أكثر من كونه اتفاقاً يفرغ السوق من بضاعتها، لكنه يؤكد من جهة أخرى بأن حجم التبادل التجاري بين البلدين هو من صالح إيران بشكل عام.

ولفت إلى أن حجم التبادل التجاري بين النظام وإيران حين كان في أوجه بلغ 280 مليون دولار وهو رقم ضئيل بالمعاملات التجارية، مشيراً إلى تمويل إيران لنظام الأسد قرابة مائة مليار دولار  خلال السنوات السابقة، بحيث تهدف من هذا التمويل السيطرة على سوريا عسكرياً واقتصادياً.

ويأتي مبادرة المصدرين السوريين لتوريد البضائع السورية لإيران برسوم مخفضة لأغراض سياسية بالدرجة الأولى لارضاء الشريك الإيراني الذي صمد نظام الأسد بفضل دعمه طوال فترة الحرب، فإيران افتتحت عدة خطوط ائتمانية لإيران بقيمة تعدت 4 مليارات دولار ، وكشفت صحيفة واشنطن بوست أن إيران تدفع شهرياً ما بين 500 و1000 دولار للمقاتل في صفوف الجماعات الموالية لنظام الأسد، فيما يتلقى المقاتلون الأفغان في سوريا تدريبات في إيران أولاً قبل إرسالهم للقتال مقابل رواتب شهرية تتراوح ما بين 500 و1000 دولار شهريا أيضاً

لكن العلاقات التجارية الخاصة بالقطاع الخاص بين البلدين لم ترق لمستوى التبادل الحكومي بين الدولتين، فالتجار السوريون لا يكترثون للآليات الثقيلة التي توردها إيران لسوريا كثيراً في ظل الحرب وتشير أرقام التبادل التجاري بين البلدين إلى وجود عجزفي الميزان التجاري السوري قبل الحرب وارتفع هذا العجز بعد الحرب

ونوّه “الطويل” إلى أن رفع العقوبات عن إيران وفك تجميد حساباتها المصرفية سيساهم في دعم نظام الأسد عسكرياً ومالياً، مؤكداً أن الثمن سيدفعه السوريون لأن إيران تريد ضمانات سيادية واستثمارية في سوريا.

ويرى باحثون اقتصاديون إن تطبيق الاتفاقية بشكل فعلي بحاجة إلى جهد ووقت خاصة أن إيران لديها جدار عال من الحماية الجمركية وأسواقها مليئة بالبضائع المستوردة من كل حدب وصوب

ويتوقع مراقبون أن رفع العقوبات عن إيران بموجب الاتفاق النووري سيرفع من دعمها لنظام الأسد حيث إن رفع العقوبات سيسمح لإيران بتوسيع تجارتها الخارجية وحركة رؤوس الأموال، ورفع التجميد عن 100 مليار دولار من أرصدتها في الخارج، والأهم من ذلك رفع إنتاج النفط إلى نحو 5 ملايين برميل يوميا بشكل تدريجي، وهذا بدون شك سيزيد من مداخيلها بالعملة الصعبة وسيضاعف من تمويل حروبها الإقليمية.

إذاً دعم إيران للنظام مستمر وقوي خلاف لما يعتقده البعض، واستمرار نظام الأسد في حربه ضد شعبه حتى اليوم أكبر برهان على قوة الدعم الإيراني لهذا النظام، وثمن هذا الدعم هو احتلال إيران لسوريا اقتصادياً من خلال شراء العقارات واستيراد الغذاء على حساب لقمة الشعب السوري، وساسياً عبر توطين فكرة التشييع وتوسيع مدها في سوريا وهذا فعلاً ما لمسناها من خلال ارتفاع نسبة السياحة الإيرانية الدينية للمزارات الدينية في سوريا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى