استهداف الأسواق: سياسة ممنهجة لقتل المدنيين على نطاق أوسع وضرب عصب الحياة
إذا أردت أن تقتل أكبر عدد من السوريين فعليك بضرب التجمعات…. سياسة اعتمدها نظام الأسد وخاصة في الآونة الأخيرة عبر استهداف أماكن تواجد وازدحام الناس مثل المساجد والأفران والمشافي وأخيراً الأسواق الشعبية.
الشبكة السورية لحقوق الإنسان وثّقت في عدة تقارير لها قصف النظام لمناطق مدنية ومراكز حيوية لايوجد فيها أي مقرات عسكرية أو مخازن أسلحة تابعة للمعارضة أو للجماعات المتشددة، ما أدى إلى مقتل الآلاف من بينهم نساء وأطفال، في مؤشر صارخ على استخفاف الأسد بالمواثيق والقرارات الأممية التي تنص بشكل صريح على وضع حد للقصف العشوائي في المناطق المأهولة بالمدنيين.
وفي هذا الإطار نشر المنتدى الاقتصادي السوري ورقة تحليلية تساءل فيها الباحث “حسن كنعان” عن سبب استهداف طيران النظام للأسواق الشعبية.
وأفاد التقرير أن الغاية من وراء ذلك القضاء على دورة حياة كاملة في هذه الأسواق الصغيرة، وضرب اقتصاديات هذه البلدات والمناطق المحاصرة بالكامل، وضرب الأسواق بكل ما تحتويه، من البائع، والمشتري، والسائق، والبضائع، والمال الذي يحمله البائع والمشتري في جيبه، وحتى عربة البائع الجوال التي تعيل عائلة، فالضحية ليست فقط من قضى في المجزرة، وإنما العائلة كاملة التي كان يعيلها”.
وأوضح كنعان في تقريره أنه “ضمن سياسة التجويع التي اتخذها النظام منهجاً يمارسه على المناطق الخارجة عن سيطرته، تعمّد قصف الأسواق” لافتاً إلى أن ما يميز قصف الأسواق عن غيره هو استخدام الصواريخ الفراغية الموجهة من الطيران الحربي على غير عادته في قصف المناطق المأهولة، فهو يستخدم البراميل المتفجرة التي ترمى على المدنيين بشكل عشوائي من المروحيات، وهذا ما أكده الناشطون والمراقبون ووسائل الأعلام”.
وخلص التقرير إلى أن “ما تم استهدافه من أسواق في العام الجاري وغيره كثير، هي سياسة يتبعها النظام منذ خروج أول منطقة عن سيطرته، فيما توقع بأن تستمر طائرات النظام في قصف الأسواق، وتدمير الحياة الاقتصادية في المناطق الخارجة عن سيطرته، داعياً إلى عدم تجميع الأسواق في نقطة واحدة، والتوزع الجغرافي ما أمكن ضمن القطاع الواحد، واعتماد البائعين على العربات المتحركة”.
سياسة النظام تلك بشلّ الحياة الاقتصادية ثمّة واجهة أخرى لها، تتمثل بضرب البيئة الحاضنة للمعارضة، أملاً منه أن تنقضّ هذه الحاضنة على الثورة وتتخلى عنها.
إذاً هو قدر السوريين المشؤوم أن يكونوا تحت حكم نظام قمعي تجاوز كل الحدود في القدرة على ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية، بعد أن أثبت أن لا مثيل له في تاريخ الاستبداد باستهدافه أسواقاً تعجّ بمدنيين ذهبوا لجلب طعام لأطفالهم فصعدوا إلى السماء أفواجاً بعد أن تفحمت جثثهم بنيران حقده.