العيد في سوريا ما بين اليوم والأمس…. طقوس اختفت وأخرى لا تزال تتحدى الحرب
بينما العالم يحتفل بالعيد تشهد سوريا أحزن أعيادها، فالحياة فيها تتأرجح على فوهة الموت، مع هدايا الأسد التي تتساقط موتاً وحقداً فوق رؤوس ومنازل المدنيين…
الحزن يخيم على أجواء العيد، في بلد حطّم الموت والخراب أهازيج الفرح فيه…. مساجدٌ كثيرةٌ افتقدت تكبيراتها ومصلّيها، وقبور غاب عنها زوارها المحمّلين بالآس صبيحة يوم العيد، حيث كانت تذهب العائلات لزيارة ذويها وقد اصطحبت الورد والكعك الذي يوزع على الوافدين هناك لقراءة الفاتحة، بعد أن منعهم النار والرصاص من الوصول إليها.
مظاهر وطقوس كثيرة لم تعد حاضرة في مشهد العيد في سوريا، مع استمرار الحرب والوضع الإنساني الكارثي الذي يعيشه أغلب السوريون:
الحلويات والسكاكر أيضاً غابت، فغلاء الأسعار حال دون شرائها، في حين استعاضت عنها بعض الأسر بصنع بعض الحلويات المنزلية الأقل تكلفة مثل المعمول والكعك، وكذلك الألبسة التي شهدت أسعارها ارتفاعاً جنونياً جعل من شرائها ضرباً من البذخ والترف.
أما الصغار الذين هم أهل العيد فبات معظمهم لا يعرف الثياب الجديدة، إما بسبب الوضع الاقتصادي والارتفاع الجنوني الذي تشهده أسعار الألبسة؛ أو لرحيل أحد أفراد الأسرة.
مصاب أهل سوريا كبير، تهنئتم في العيد تعازي، ثكالى يذرفنّ الدموع وهن يتذكرنّ من رحل من أزواجهنّ وأبنائهنّ، كهولٌ عجزوا عن الحركة بعدما أثقلت الهموم كاهلهم، بينما يحاول الأقارب والمحيطون إرضاء الأطفال الذين فقدوا أحد أبويهم بموت أو اعتقال:
هكذا العيد… منهم من دعا إلى اعتزاله وعدم الاحتفال به؛ لأنه رأى أن ليس للعيد من معنى بين كل هذه الدماء والدموع والآهات، إذ تكاد لا تخلو عائلة سورية من زوج فقد زوجته أو أم فقدت ابنها، وكم من طفل فقد أمه وأبيه وعائلته جميعاً تحت أنقاض القصف الذي هدم بيته:
وفي مقابل من دعا إلى عدم الاحتفال بالعيد احتراماً لعوائل الشهداء ولإيمانه بأن عيد سوريا هو يوم نصرها على طاغيتها؛ ثمة من رأى في فرحة العيد تحدياً صارخاً لهجمية وقمع الأسد، وبأن الحياة لا تزال ممكنة:
اللافتات أيضاً عبرت عن عمق الجرح والمأساة لشعب تخلى الجميع عنه وخذله فكانت: “العرب تشتري ثياب العيد… ونحن في سوريا نشتري أكفان الشهيد”… فيما لا يملك السوري سوى الانتظار، في ظل الوعود الكاذبة للمجتمع الدولي الصامت عن سوريا التي بات القتل فيها هو عنوان الحوار، والعيون ترقب سوريا قبل العيد المقبل ونحن لا نعلم ماذا سيكون مصيرها، هل سيكون النظام راحلاً أم مطارداً أو ربما صامداً، لكنه وفي جميع الأحوال لن ينعم بطقوس العيد مع أفراد أسرته وهو المنشغل بمراقبة المحيطين به خوفاً من خيانة أحدهم.
عيدٌ لم يكن بسعيد… والآلاف من السوريين مبعثرون ولاجئون داخل وخارج حدود الوطن، في حين حلّ العيد ضيفاً ثقيلاً على مخيمات النازحين التي تنتظر الموت بدل الفرح….
عيدٌ مختلفٌ نأمل ألا يتكرر… مع الرجاء بأن يكون للفرح والعيد مكان في سوريا من جديد….