الباصات الخضراء من وسيلة للنقل إلى رمز تهجير واعتقال في سوريا

راديو الكل ـ رنيم سالم

النماء والطبيعة النظيفة والسلام والتجدد والخصوبة معان ترتبط جميعها باللون الأخضر في علم الألوان…لكنها تحولت لرمز ظلم واستبداد في مدن سورية تحت سيطرة نظام الأسد كونها ارتبطت بالباصات الخضراء، فهذه الأخيرة شغلت حكومة ناجي عطري الدنيا باستيرادها من الصين قبل الحرب، واستخدمت أثنائها لاعتقال الثائرين على النظام، وتعذيبهم في بعض الأحيان، ونقل الشبيحة لقمع المتظاهرين، وبرز دورها في الفترة الأخيرة لتهجير السوريين من مدنهم نحو ريف حماة الغربي وذلك قبل إعادة نقلهم بالسيارات العادية إلى إدلب حيث معقل المعارضة، والتي وفد إليها بالباصات الخضراء مهجرو الزبداني وداريا.

كما استخدمت هذه الباصات لنقل عناصر منضوينن تنظيمات ارهابية الى مناطق أخرى كنقل عناصر تنظيم داعش من حي القدم جنوب دمشق إلى مخيم اليرموك المحاذي له بوساطة روسية.

وقبل ذلك استخدمت الباصات الخضراء لنقل المقاتلين من حمص القديمة إلى ريف حماة الغربي وتحديداً إلى قلعة المضيق، وعليه ارتبطت هذه الباصات بدالات سلبية لدى كل من سكان حماة الذين شهدوا عمليات التهجير وللمهجرين أنفسهم سواء الذين استقروا منها في حماة أو أولئك الذين تابعوا رحلتهم نحو إدلب. وخاصة أن هذه الباصات لم تكن تستخدم للنقل في محافظات إدلب وحماة، وبالتالي فإن مظهرها ارتبط باستبداد النظام حصراً.

وفي داريا حصراً، فإن مظاهر الشماتة لم تخفي نفسها على منشورات الموالين للنظام جراء استخدام الباصات الخضراء لتهجير السكان، وعممت الصفحات الموالية للنظام، هاشتاغ #جمعة_الباص_الأخضر_في_داريا، إضافة لنشر صور تدمج الباص الأخضر مع صور لجرافات صفراء تجمع جثثاً متكدساً ومعها عبارة: “بين الحافلات الخضر والجرافات الصفر اختاروا مذلة الحافلات الخضر على موت الجرافات الصفر”

وقبل الاستخدام الأخير للباصات في التهجير، فإنه كان لها استخدامات تعسفية أخرى في جمع المتظاهرين في رحلة وصولهم للمعتقل، مادفع المتظاهرين لاحراق بعضها

وفي هذه الباصات سربت لقطات لمشاهد تعذيب مارسها أمن النظام بحق المتظاهرين

وعلى الصعيد للسياسي، كان للباصات الخضراء نصيبها من أغاني الثائرين، حيث ربطها فنان الثورة السورية ” عبد الوهاب ملا ” باجتماعات جنيف، لكونها أفضل من يعبر عن تزاحم الوفود السياسية لتستعرض كلماتها في المؤتمرات، وخاصة أن هذه الباصات معروفة لدى أغلب السوريين بازدحامها الغير طبيعي.

وإذا ماعدنا للباصات الخضراء في مرحلة ما قبل الثورة، فإننا نستعيد حكايا كثيرة عن شجارات لا تخلو منها رحلة واحدة وخاصة في العاصمة دمشق، فالكثير من الركاب يحتجون على حشرهم كـ “المكدوس والمخلل” حسب تعبيرهم في الباصات، علماً بأن هذا التكدس صار مضاعفاً حاليا حيث الباصات قليلة ووسائط النقل الأخرى متوقفة بسبب مشاكل نقص المحروقات والازدحام الشديد على الحواجز.

وفي حالات أخرى فإن الباصات الخضراء في العاصمة دمشق صارت تصل إلى الحواجز فارغة من الركاب بعد أن ملوا توقفها الطويل على الحواجز فقرروا النزول واتمام  الطريق مشياً

إذن هذه الباصات التي صدحت حكومة العطري السوريين باستيرادها في إطار خطة استبدال السرافيس بوسائل نقل جماعي, تغيب اليوم عن محافظات سورية كثيرة وربما يكون لدمشق ومناطق حلب الخاضعة لسيطرة النظام حضور قليل ومحدود فيها، والمتوفر حاليا منها لا يكفي لنقل أقل من عشر سكان محافظة دمشق خاصة إذا ما علمنا بأن احصائيات مديرية شركة النقل الداخلي بدمشق قبل الثورة تشير إلى أن حاجة دمشق للباصات يقدر بألفي باص قبل ارتفاع حدة أزمة النقل… ولا زال هناك من يتحدث عن استيراد باصات في حكومة النظام الحالية، ولكن السوريين لا يلمسون أدنى أثر لها في تخفيف أزمة النقل بل إنها تزيد يوماً بعد آخر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى