مدير الطبابة الشرعية في حلب يصف رحلة الخروج من الحصار بـ “يوم الحشر”

مي الحمصي – راديو الكل

وصف مدير الطبابة الشرعية في حلب “محمد الكحيل” المعروف باسم “أبو جعفر طبابة” يوم خروجه من أحياء حلب المحاصرة بيوم الحشر، حيث اجتمع قرابة الـ 30 ألف شخص في الساحة المعروفة بـ “نقطة الصفر” معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ، في ظل طقس شديد البرودة، حيث لا يوجد (طعام أو شراب أو حليب وحفاضات للأطفال ولا مكان لقضاء الحاجة).

وأضاف “أبو جعفر” لراديو الكل، أنه كان يوجد العديد من الجرحى الذين يئنون في الشوارع وهم يفترشون الأرض بانتظار الخروج في أوضاع لاإنسانية، وكل نصف ساعة يفقد أحد المدنيين وعيه من شدة البرد والإرهاق والتعب.

ودأب المدنيون لمدة خمسة أيام على التوجه إلى المعبر (نقطة الصفر) على أمل الخروج، وهم يحملون أمتعتهم، قاطعين مسافات طويلة تصل في بعض الأحيان لـ 5 كيلومتر، مشياً على الأقدام، وفق “الكحيل” الذي نوّه إلى قيام الأهالي برمي أمتعتهم كي لا تعرقل سيرهم، محتفظين بأهم ما لديهم من احتياجات شخصية، ومن ثم أعرضوا عن الرجوع إلى منازلهم وبقوا في نقطة الانطلاق، ريثما يحين دورهم، فكانوا يلجاون إلى الأبنية المتهدمة ويحرقون أخشاب الأبواب والنوافذ للتدفئة.

صبيحة الخروج كان الأطفال يبكون، النساء يعجزن عن التحرك من شدة البرد، القهر بات جلياً على وجوه الرجال، كان الوضع مأساويا جداً، لدرجة انه أكثر من 200 شخص يتزاحمون للحصول على القليل من الماء لأطفاله من زجاجة واحدة، حسب “الكحيل” الذي تابع بحديثه عن ساعات انتظار انطلاق الحافلات وهم جالسين فيها، وكل ساعة يخبرونهم أن الباصات ستنطلق، حتى وصل الحال من السوء أن الأهالي تمنوا الموت في ظل الوضع المريع الذي يمرون به.

قال “الكحيل” في بداية الأمر كان صعود العائلات إلى الحافلات منظماً عن طريق بطاقات تمنح لهم، ولكن البرد القارس وصراخ الأطفال والجوع والعطش، جعل الأهالي يتزاحمون لركوب الحافلات، ما أدى إلى تفرق العائلات عن بعضها بين أكثر من باص، مرجعاً الفوضى لعدم وجود أي دور للهلال الأحمر او الصليب الأحمر هناك.

وتابع “الكحيل”: إنه لم يحمل معه من أحياء حلب المحاصرة سوى أدويته بسبب وضعه الصحي السيئ وإصابته وبسبب بعد المسافة ، كاشفا عن أنه لم يخرج أي مستند من توثيقات الطبابة الشرعية التي عمل مع فريقه على توثيقها مدة خمس سنوات.

وشكر “الكحيل” أهالي ريف حلب الغربي وأهالي محافظة إدلب وكل المجالس المحلية والجمعيات الإغاثية التي حرصت على استقبالهم في نقطة الوصول وأمنت المهجرين من حلب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى