شهادات من أمهات وأطفال مهجرين من مدينة حلب إلى محافظة إدلب

ساندي عيد – راديو الكل

 

من قلب الحصار؛ خرجت العوائل المهجرة من مدينة حلب تاركة خلفها بيوتها وأغلى ما تملك، وقد حمل أصحابها ذكريات الحصار التي لا تنسى.

 

استطاعوا النجاة من هذه المقتلة بعد أن وضعهم النظام أمام خيارين أحلاهما مر؛ فلم يكن أمامهم سوى الخروج، حسب ما تحدّثت “صباح” لراديو الكل، وهي أم لطفلين لم يتوقفا عن البكاء طيلة وقت اللقاء لأجل علبة بسكويت يريد كل منهما إمساكها بعد حرمانهما منها طيلة أيام الحصار.

 

“صباح” التي تحدّثت عن الجوع والخوف والخطر، الذي تعرّضت وعائلتها له أثناء وجودهم في حي الصاخور بحلب؛ تقول بأنهم اعتادوا القصف دون الحصار، مشيرة إلى فساد المنظمات الإغاثية التي احتكرت المواد الغذائية والتموينية أيام الحصار، ولم يتلق الأهالي أي دعم منها إلا قبيل مغادرة المدينة بساعات. 

 

“أم أمين” أم لثلاثة أطفال، كسرت يدها قبل الحصار جرّاء سقوط صاروخ على منزلها في حي صلاح الدين المحاصر، ولم تتمكن من علاجها بسبب نقص الدواء وغياب الأطباء، روت لراديو الكل كيف تبنّت أبناء أخيها الأربعة بعد استشهاد والدهم وتخلي الأم عنهم، وتستذكر اليوم بعد وصولها إلى مدينة سراقب بريف إدلب لحظات القصف والحصار.

 

ابن “أم أمين” صاحب الاثني عشر عاماً؛ تسبّب القصف على حي صلاح الدين بإصابة برأسه عطّلت النطق لديه بعد أن كان من المتفوقين في صفه كما تروي والدته باكية.

 

وكما أشارت “صباح” إلى تخاذل المنظمات الإغاثية وتملّصها من مهامها؛ تؤكد “أم أمين” إغلاق المستودعات التي تحوي المواد التموينية والغذائية إلى حين الخروج من المدينة.

 

وتستعيد “أم أمين” من ذاكرتها مشاهد الجرحى ودماءهم النازفة داخل المشافي التي لم تعد تملك أدنى مقومات الرعاية الطبية، كونها كانت ولا تزال أحد أهم الأهداف التي يركز عليها النظام غاراته الجوية.

 

“نور الهدى” طفلة العشرة أعوام تحدثت كيف تم قنص والدها في حي العامرية؛ وتستذكر لحظات القصف والخوف، وهي تحلم ومن معها بالخبز والخضار.

وشأنها شأن كثير غيرها من الأطفال؛ حرمت “نور” من التعليم بسبب الحصار والوضع الأمني، وخرجت باتجاه إدلب وقد تركت أحلامها في مدينتها، دون أن تخفي استغرابها من وجوه المقاتلين الروس الغرباء، حسب قولها.

 

ومن حي صلاح الدين وصل “عبد الرحمن”، أحد الصغار الذين عاشوا الحصار بكل تفاصيله، روى أنه كان يرى الحياة فقط في مخيلته وأحلامه، واليوم يعقد كل آماله على أهالي إدلب حسب ما تحدث لراديو الكل.
“أبو محمود”، مسنّ ثمانينيّ، مريض ومعيل لابنه المعوّق، تحدث باكياً عن زوجته التي فقدها إثر غارة جوية استهدفت حي صلاح الدين حيث أصيب هو، مطالباً السلطات التركية بفتح الطريق أمامه من أجل العلاج.

 

هي قصص إذاً وحكايات، يرويها بعض أهالي حلب المهجرين الذين وصلوا إلى مدينة سراقب بريف إدلب، من بين خمسين عائلة أخرى وصلت المدينة بعد إخراجها من الأحياء المحاصرة بموجب الاتفاق الأخير الذي تم التوصل إليه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى