عشية انعقاده.. ماذا قال الراعون لاجتماع أستانة أثناء التحضير له وما المتوقع منه؟

تحليل:

تيم الحاج/خاص – راديو الكل

تشهد العاصمة الكازاخية أستانة غدا، بدء أعمال الاجتماع  الذي كانت قد دعت له روسيا وتركيا قبل نحو شهر، بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار بسوريا الذي جاء نتيجة لاجتماع بين كل من موسكو وأنقرة وطهران، كما شهد هذا الاجتماع الثلاثي أيضا اتفاق تهجير أهالي حلب.

و بحسب تصريحات محمد علوش رئيس الوفد والممثل عن جيش الإسلام. ستحاول  المعارضة السورية تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في اجتماع أستانة.

حضور واشنطن والخلاف الروسي الإيراني:

ويعقد اجتماع أستانة في ظل خلاف بات جليا بين إيران وروسيا التي يبدو أنها وصلت لمبتغاها في سوريا وحان دور  الحل سياسي الذي أبدت إيران تخوفها منه لأنه قد يسحب منها البساط في سوريا قبل تحقيق الأهداف المرجوة من تدخلها إلى جانب نظام الأسد.

وفي هذا الإطار، توقع مراقبون، أن تقوم موسكو بالضغط على الأسد وإيران من أجل القبول بحلولها ولعل أولها تثبيت اتفاق وقف النار، الذي تريده موسكو وأنقرة أن يكون  العتبة الأولى في سلم الحل السياسي.

ولعل مشاركة واشنطن من عدمها في الاجتماع تمثل أبرز نقاط الخلاف الروسي الإيراني، وقد وأعلن وزير الخارجية الروسي، “سيرغي لافروف”، في وقت سابق، إنه سيكون بإمكان ممثلين عن الإدارة الأمريكية الجديدة، حضور اجتماع أستانة.

وقابل تصريح “لافروف”،  قول وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، إنهم يعارضون مشاركة أمريكا في اجتماع أستانة وأنهم لم يوجهوا لها دعوة. مقللا في الوقت ذاته، من سقف توقعاته لنتائج الاجتماع.

من جهته، قال أمين مجلس الأمن القومي الإيراني الأعلى، “علي شمخاني”، إن الدول الثلاث الراعية والمنظمة لاجتماع أستانة المرتقب حول أزمة سورية، لم توجه دعوة للولايات المتحدة الأميركية للمشاركة في الاجتماع، مؤكداً معارضة بلاده للأمر، معتبراً أن واشنطن لن تستطيع القيام بدور مؤثر في هذه المحادثات.

وفي سياق التصريحات الصحفية التي قيلت خلال التحضير للاجتماع، برز كلام وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” قبل أيام، حينما قال، إن تدخلهم في سوريا منع سقوط نظام الأسد في دمشق.

وحول مضمون هذا التصريح، أوضح الكاتب الصحفي السوري، بسام جعارة، أن الرسالة التي أراد “لافروف” إيصالها، موجهة بشكل مباشر لإيران، ومفاها “أننا (روسيا) أصحاب الكلمة الأولى  والأخيرة في سوريا”.

ولفت جعارة، في حديث لراديو الكل، أن الأجندة الروسية تختلف عن الأجندة الإيرانية في سوريا، وقال “روسيا تريد إعادة انتشارها في المنطقة فاليوم في سوريا وغدا في ليبيا بينما إيران تريد مشروع استيطاني في سوريا”.

وشدد الكاتب والصحفي السوري، أن روسيا تريد القول للجميع، “أنا أفعل ما أشاء في سوريا وعليكم أن ترضخوا وتستجيبوا”.

وأشار جعارة، إلى أن هذه الرسالة وصلت لنظام الأسد منذ وقت طويل، و”الروس اسكتوا بشار الاسد حينما أراد الاحتفال بانتصار حلب لأنهم هم من صنعوا هذا النصر”.

وتحدث جعارة، أيضا الخلاف الروسي الإيراني قائلا، “الإيرانييون يخشون اليوم إدارة ترامب. وروسيا لن تقف سدا بوجه أمريكا ضد إيران”. مشيراً  إلى أن الصراع بين روسيا وإيران حول لمن ستكون سوريا مؤجل الآن بسبب وجود عدو مشترك لهما وهو الشعب السوري ولكن الصراع سيكون.

وفي ذات السياق، رأى الباحث والمحلل السياسي التركي، مصطفى حامد أوغلو، أن هناك خلافا ظاهرا مابين روسيا وإيران، وأوضح أن “روسيا تريد الخلاص من المستنقع  الذي دخلت به في سوريا في حين أن إيران لها مشروع آخر مختلف عن المشروع الروسي  وهو مشروع طائفي وهذا بحد ذاته يخيف تركيا الطرف الثالث لاجتماع أستانة”.

روسيا تطمئن المعارضة السورية:

يرى مراقبون أن روسيا أرسلت أثناء التحضير لاجتماع أستانة، تطمينات لفصائل المعارضة السورية التي انضمت للهدنة، داعية إياها للانضمام إلى أستانة.  وأكد ذلك عدم معارضة موسكو مشاركة محمد علوش الممثل لجيش الإسلام (الذي كانت تسعى موسكو لوضعه على قائمة الإرهاب سابقا). وإثر ذلك عقدت اجتماعات مطولة في العاصمة التركية أنقرة، أسفرت عن موافقة كبرى الفصائل الثورية على المشاركة بالاجتماع وقد تم تشكيل وفد برئاسة علوش نفسه.

ليس ذلك فحسب، فقد وصلت التطمينات الروسية للمعارضة إلى حد تأكيدها على لسان وزير خارجيتها، أن جيش الإسلام،  ليس مدرجاً على قائمة الأمم المتحدة للمنظمات الإرهابية. “وأن روسيا تدعم هذه المقاربة، نظراً لما عبّر عنه جيش الإسلام من الاستعداد للتوقيع، إلى جانب فصائل أخرى من المعارضة السورية المسلحة، على اتفاقية حول بدء مفاوضات مع نظام الأسد”.

الدور التركي:

 

عمدت تركيا على مضى الأيام الماضية، على التأكيد أن اجتماع أستانة سيمثل مرحلة جديدة من عمر القضية السورية وأنه سيشكل نقطة تحول تجاه الحل السياسي، وبدا تصميم أنقرة على إنجاح الاجتماع جليا في تصريحات المسؤولين الأتراك.

 

لكن الأمر اختلف بعض الشيء قبل أيام حين نشرت وكالة “سبوتنيك” الروسية تصريحا على لسان نائب رئيس الوزراء التركي ” محمد شيمشك ” مفاده أن تركيا لم تعد تصر على اتفاق في سوريا بدون بشار الأسد.

 

وسرعان مالاقى هذا التصريح استغرابا في أوساط المعارضة التي تعول على دور تركيا في مساعدة الشعب السوري في تحقيق مطالب ثورته وعلى رأسها رحيل الأسد، وظل توتر المعارضة من هذا التصريح قائما حتى خرج ” شيمشك ” ونفى مانقلته وكالة “سبوتنيك”.

وذكر بيان صادر عن مكتب “شميشك”، أن الأخير قال في رده على سؤال حول المسألة السورية على هامش مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي، المنعقد في سويسرا، إن “الأسد سبب المأساة في سوريا، ولا يمكن قبول حل يكون الأسد جزء منه”.

ولفت البيان إلى أن الوكالة الروسية عملت على خلق تصور عبر إخراج حديث نائب رئيس الوزراء التركي عن سياقه، والزعم بأنه قال لم تعد تركيا تصر على اتفاق بدون الأسد.

وفي هذا الإطار، قال الباحث والمحلل السياسي التركي، مصطفى حامد أوغلو، إنه من الممكن التلاعب واجتزاء بعض التصريحات، مشيرا إلى أنه لم يجد في تصريحات نائب رئيس الوزراء التركي أي شيء جديد أو غريب، واصفا “شميشك” بالرجل الواقعي. وأوضح أن جهات روسية أرادت أن تأخذ من الكلام مايوافق رغبات روسيا.

واستدرك قائلا: “من يتابع اليوم الكتاب الأتراك المقربين من حزب العدالة الحاكم، يجدهم يقولون إنه  لم يعد لتركيا من الرفاهية أن تصر على بقاء الأسد”. مشيرا إلى تخلي أمريكا عن المعارضة وتسليم الملف لروسيا وإضافة لفشل للمعارضة السورية سياسيا وعسكريا.

وأوضح “حامد أوغلو” في لقاء مع راديو الكل، أنه لا يتوقع أن تقبل تركيا بسهولة بأي دور للأسد في مستقبل سوريا إلا إذا كانت هناك ضمانات روسية ببقائه لمرحلة مؤقتة.

وعن نجاح اجتماع أستانة ونتائجه، قال “حامد أوغلو”، إنه لايتوقع أن يحقق أستانة حلا سياسيا وربما يقتصر على كونه مقدمة لحل سياسي فقط. وأشار في هذا الإطار، إلى أن أستانة يعتبر استحقاق مجبرة المعارضة على حضوره وأن عدم الذهاب سيحقق ضررا اكبيرا.

لافتا في الوقت ذاته، إلى أن تركيا لديها أولويات أيضا تريد تحقيقها وهي وحدة الأراضي السورية واستقرارها ومنع قيام الدولة الكردية.

موقف  “فتح الشام” من  أستانة:

وفي خضم التصريحات حول أستانة،  أصدرت جبهة فتح الشام (النصرة سابقا)، بيانا عبرت فيه عما قالت إنه موقفها من اجتماع أستانة، معتبرة أن الاجتماع جزء من المؤامرة ضد الثورة السورية.

ولخصت الجبهة موقفها في خمس نقاط أوردتها بالبيان، حيث قالت إن المسار السياسي الذي واكب الثورة منذ بدايتها لم يكن يخدم أهدافها، بل كان سلسلة مما وصفتها بالمؤامرات.

وقالت الجبهة، إنها تؤيد وقف القصف على المدنيين وإطلاق سراح المعتقلين ودعم المناطق المحاصرة بالمساعدات.

واعتبرت أن رعاية روسيا لاجتماع أستانة تعد إذلالا لتضحيات المجاهدين، مشيرة إلى أن روسيا تحتل سوريا وقصفت العديد من مدنها ودمرتها، كما تعد نوعا من القبول المباشر ببقاء بشار الأسد على رأس السلطة.

ورأت الجبهة أن التفاوض في أستانة حق لا يملكه أحد بعينه، ودعت المشاركين في الاجتماع إلى رفض بيع تضحيات أهل الشام، وألا ينزلقوا في مكائد ومؤامرات.

وفي هذا السياق، رأى الخبير في الجماعات الإسلامية، حسام نجار، أن التنظيمات الجهادية لا تؤمن بأي حل سياسي بل الحل عن طرق القوة،  مشيرا إلى أن فتح الشام سترفض أي حل سياسي لذلك هي هي تصدر دائما بيانات بأنها ضده.

وأوضح نجار، لراديو الكل، أن جبهة فتح الشام،  تعتبر أن أي اجتماع  لا يحقق إيدلوجياتها  المتمثلة في تحقيق الدولة الإسلامية  فهو مرفوض. ولذلك هي ستقول عن هذه الاجتماعات أنها  مقتلة للثورة السورية.

من جانب آخر، علق نجار، على الاقتتال الحاصل بين فتح الشام وأحرار الشام في إدلب، مؤكدا  أنه يضعف موقف الطرفين سياسيا وميدانيا مما يؤدي إلى  إضعاف الثورة السورية.

وأوضح أن أحرار الشام لديها رؤى سياسية معينة وجناح سياسي معين بينما لانرى ذلك في فتح الشام. وأردف، “أحرار الشام قاطعت حضور أستانة لكنها كلفت بعض ممثليها بالحضور  نيابة عنها بالباطن وليس بالظاهر”. وعلى صعيد اجتماع أستانة، استبعد نجار، أن يتوصل المجتمعون إلى أية حلول.

رمزية أستانة:

في هذا السياق، أوضح الخبير في الشأن الروسي الدكتور محمود الحمزة، أنه تم اختيار أستانة عاصمة كازخستان الدولة الصديقة لروسيا، لكي تظهر موسكو  للعالم أن المحادثات ليست في روسيا وتحت إشرافها بل في دولة أخرى.

وقال الحمزةفي حديث لراديو الكل، إنه غير متفائل بنتائج الاجتماع وخاصة أن إيران لم تشجع على أي حل لوقف إطلاق النار. مشيرا في الوقت ذاته، إلى أن الذهاب لأستانة شيء إيجابي لإثبات أن المعارضة تريد حل سياسي وليس عسكري.

ولفت الحمزة، إلى أن ذهاب وفد الفصائل دون هيئة التفاوض العليا غير صحيح كون النظام خبيث وشكل وفد سياسي  يمثل الدولة. بحسب تعبيره

وقال في هذا الإطار، “كان من المفترض أن يكون الوفد الذاهب لأستانة سياسي وجزء منه عسكري وقانوني إضافة إلى ناشطين يمثلون الثورة السورية”.

وختم الحمزة كلامه مؤكدا، أن تركيا، لن تضغط على وفد المعارضة في اجتماع أستانة ليقبل  بشرو ط روسية أو من نظام الأسد.

أجندة الاجتماع:

وعشية انطلاقه، أعلنت خارجية كازاخستان، أن الاجتماع الذي سينطلق ظهر غد في أستانة، سيجري على مدار يومين، بهدف تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار.

وتضمن جدول أعمال الاجتماع الذي أعلنت عنه الخارجية الكازاخية، الجلسة الأولى التي يُنتظر أن يفتتحها رئيس جمهورية كازاخستان “نور سلطان نزرباييف”، تليها كلمات رؤساء وفود روسيا وتركيا وإيران ومندوب الأمم المتحدة، وممثل الولايات المتحدة الأمريكية.

 

على أن تنطلق ظهرًا، المباحثات السورية السورية، بين وفدي النظام والمعارضة، بوساطة أممية، لمبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، “ستافان ديميستورا”.

وكشفت الخارجية الكازاخية، أن فترة الظهيرة، ستشهد عددا من المشاورات الثنائيّة، بين الوفود المُشاركة، ويُنتظر أن تُلخص النتائج الأولية التي تمّ التوّصل إليها خلال اليوم الأول من الاجتماع، في جلسة عامة، مساء الغد، أما اليوم الثاني لاجتماع أستانة، فيُقرّر أن تعقد فيه مُحادثات ثنائيّة، ومتعدّدة الأطراف، على أن تُستكمل الجولة الأولى من الاجتماعات ظهرًا، ليتم لاحقًا، استخلاص النتائج، ومُناقشتها واعتماد بيان مُشترك، من قبل المُشاركين في الاجتماع في مؤتمر صحفي مشترك لرؤساء الوفود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى